الآية رقم (83) - وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ

انظر هنا إلى عظمة الأوامر الإلهيّة، والله عزَّوجل الّذي خلق البشر هو الّذي يضع القوانين لحفظ وسلامة البشر، فلا تجعل نفسك مكان ربّ البشر، والله وحده هو الّذي يشرّع الأوامر والقوانين للبشريّة من لدن سيّدنا آدم عليه السَّلام إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.

والميثاق عقد مربوط فهو كلّ شيء فيه تكليف، كعقد الزّواج الّذي قال عنه القرآن الكريم: ﴿وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا]النّساء: من الآية 21[، وقد سمّي عقد النّكاح بالميثاق الغليظ فسمّاه بأعظم لفظ على الإطلاق، لما فيه من تكاليف، فانظروا عظمة الإسلام وحقوق المرأة فيه.

وقد أخذ ميثاق بني إسرائيل بثمانية أشياء:

أوّل بنود الميثاق: ﴿لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ، وكلّ رسالة سماويّة من عند الله سبحانه وتعالىتأمر النّاس أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وألّا يعبدوا معه سواه، وذلك عن طريق الرّسالة الّتي أنزلت إليهم، والنّبيّ الّذي أرسل إليهم، فموسى عليه السَّلام والتّوراة داخلان في هذا الميثاق، ويطلب الميثاق منهم ألّا يُشركوا مع الله إلهاً آخر، والشّرك لا يعني بالضّرورة عبادة الأصنام والشّمس والقمر… فقد يكون الإله الآخر هوىً أو مالاً أو شهوةً أو سلطةً، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ  ]الفرقان: من الآية 43[،  فاتّخاذ الهوى إلهاً يعني أن تجعل من نفسك معبوداً من دون الله تعالى، وعبادة الله سبحانه وتعالىهي طاعة أوامره.

أمّا البند الثّاني من الميثاق: فهو: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا: فأوصى الله سبحانه وتعالىبالوالدين ولم يقل: لا تعقّوا الوالدين، لكنّه قال سبحانه وتعالى: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا، فالوالدان هما السّبب المباشر لوجود الإنسان، وهذا ما أُمِر به بنو إسرائيل، أمّا الأمر الموجّه للمسلمين فقد كان في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً]الإسراء: من الآية 23[، فرضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين، كما قال الصّادق المصدوق :.

وهذه أوامر على المرء أن يلتزم بها، وقد تكرّر الأمر بالإحسان إلى الوالدين في الكتب السّماويّة السّابقة وفي القرآن الكريم، وكان سيّدنا عليّ كرّم الله وجهه يقول: “لو كانت هناك كلمة أصغر من أفّ لذكرها الله في النّهي عن الإساءة للوالدين”. فليعمل البارّ ما شاء أن يعمل فلن يدخل النّار، وليعمل العاقّ ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنّة؛ لأنّ رضا الوالدين يُرضي الله عزَّوجل، ومن لا خير فيه لوالديه فلن يكون فيه خير لربّه ولا للنّاس ولا للوطن، وإذا سمعت كلاماً أو وعظاً من متكلّم أو واعظ فانظر لعلاقته بوالديه وعلاقته مع أسرته في بيته.. فإن كان عاقّاً لوالديه فاضرب بكلامه عرض الحائط.

والإحسان مرتبة أعلى من الواجب، وكلّ ما جاء في القرآن الكريم من التّوصية بالوالدين جاءت معه كلمة الإحسان، فالواجب أن ترعى والديك، أمّا الإحسان فهو ما زاد على الواجب. وقد قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم  «رَغِمَ أنف ثمّ رَغِمَ أنف ثمّ رَغِمَ أنف»، قيل مَن؟ قال: «من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنّة»([1])، فالفرض أن تبرّهما كما قال سبحانه وتعالى: ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً ]الإسراء: من الآية 23[، والإحسان فوق الفريضة، كما ورد في قوله سبحانه وتعالى: ﴿إنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ  ]الذّاريات[، فصلاة التّهجّد والاستغفار في الأسحار والصّدقة (وهي غير الزكاة المفروضة) هذه كلّها ليست فرائض؛ لأنّه حين يتحدّث عن الزكاة المفروضة الواجبة يقول: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ]المعارج[، فانظر إلى دقّة الآية الّتي تذكر الزّيادة على الفرائض ولا يقصد بها الفرائض.. فالإحسان إلى الوالدين يعني فوق ما فرض الله عزَّوجل.

والميثاق هو ما نزل على سيّدنا موسى عليه السَّلام في التّوراة، وأهمّ ما في هذا الميثاق هي الأمور الثّمانية الّتي وردت هنا، وهي مشتركة بين كلّ الرّسالات السّماويّة، فالعقيدة واحدة؛ لأنّها من لدن إله واحد، وتتعدّد الشّرائع والأحكام على حسب تبدّل الأزمان، فكلّ زمن يأتي رسول وتأتي معه رسالة، فالعقيدة واحدة والشّرائع مختلفة بحسب الزّمن والظّرف.

وعقيدة كلّ الرّسالات السّماويّة عبادة الله وحده دون سواه، والعبادة تعني طاعة الآمر فيما أمر والانتهاء عمّا نهى عنه. وليست العبادة هي فرائض الصّلاة والصّوم والزكاة والحجّ فحسب، فهذه أركان الإسلام، لكنّ العبادة أوسع وهي كلّ طاعة أمر الله سبحانه وتعالى بها، ولا صلاة مقبولة مع المعصية والسّرقة والكذب والغيبة… ومن لم ينته عن المناهي فلا عبادة له. بل من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له.. وأيّ حركة إصلاح أو بناء لمجتمع سليم لا بدّ لها من أن تدور حول هذه الدّوائر الأربع لبناء مجتمع حضاريّ ومتقدّم يعمّ خيره كلّ النّاس، وهي: الإحسان للوالدين وذي القربى واليتامى والمساكين. وقد قرن الله سبحانه وتعالى عبادته مع الإحسان إلى الوالدين، فمن لا خير فيه لوالديه لا خير يُرتجى منه لأحد لا لوطنه ولا للنّاس، وهذا أمرٌ مبتوت فيه في كلّ الشّرائع السّماويّة، ولهذا قرن الله سبحانه وتعالى عبادته بالإحسان إلى الوالدين. وقد قدّم الإسلام الأمّ بثلاث درجات على الأب، جاء في حديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين سأله رجل: من أحقّ النّاس بحسن صحابتي، قال: «أمّك»، قال: ثمّ من؟ قال: «ثمّ أمّك»، قال: ثمّ من؟ قال: «ثمّ أمّك»، قال: ثمّ من؟ قال: «ثمّ أبوك»([2])، وهذه هي حقوق المرأة في الإسلام، وهي أعلى مرتبة يصل إليها الإنسان، وقد قُدِّمت على الرّجل، فهي الأمّ والزّوجة والأخت والبنت، وهي نصف المجتمع وتربّي المجتمع كلّه.. قال سبحانه وتعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ]لقمان[، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا  ]لقمان: من الآية 15[،  ولا يمكن أن تصل إلى رضا الله سبحانه وتعالى إلّا من خلال رضا الوالدين، ورضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين، وقد جاء الأمر ببرّ الوالدين في كلّ الأديان والشّرائع. وإذا كنت تبني المجتمع والوطن فهذا يتطلّب منك في أوّل خطوة حسن العلاقة مع الوالدين. والإحسان هو أن تقوم بأكثر من المفروض عليك، وقد فرض الله علينا برّ الوالدين، أمّا الإحسان إليهما فهو فوق المفروض علينا، وهو أن تتحرّى رضاهما وتتجنّب سخطهما في كلّ أمر.

ثالث بنود الميثاق: الإحسان لذي القربى: ﴿وَذِي الْقُرْبَى : أي أحسنوا إحساناً لذي القربى، وإذا تكفّل كلّ إنسان بالفقراء والمحتاجين والمرضى من أقربائه، تتكامل الدّوائر ويتحقّق التّكافل الاجتماعيّ، وتحدث العدالة والمساواة في المجتمع، ولا يكون هناك تفاوت طبقيّ كبير، وينتفي الفقر من المجتمع. فصلة الرّحم جزء من عبادة الله سبحانه وتعالى، و«الرّحم معلّقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله»([3])، كما جاء في الحديث الشّريف.

رابع بنود الميثاق: ﴿وَالْيَتَامَى: اليتيم من فقد أباه، أي فقد المعين والكفيل والنّاصر، وأولى النّاس بالإحسان بعد الوالدين هو اليتيم، والإحسان إلى اليتيم لا يكون بالمال فقط، بل بالمعاملة أيضاً، وحين يحسن المجتمع إلى اليتيم فإنّه لا يشعر بالفقد، ويتحقّق التّكافل الاجتماعيّ، وقد قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو الّذي نشأ يتيماً: «أنا وكافل اليتيم في الجنّة هكذا»، وأشار بالسّبابة والوسطى، وفرّج بينهما شيئاً([4]). ويقول سبحانه وتعالى: ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ]الضّحى[، وقال تبارك وتعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ]الماعون[،  أي يزجر اليتيم ولا يحسن إليه. فقرن بين الكفر والتّكذيب بالدّين وبين الإساءة لليتيم؛ لأنّ الدّين قيم وأخلاق وحبّ وعطاء، وليس حقداً ولا قتلاً ولا طائفيّة، وهذا الميثاق ورد في كلّ الشّرائع والأديان.

خامس بنود الميثاق: ﴿وَالْمَسَاكِينِ: المسكين هو من يملك شيئاً يسيراً لا يكفيه. وقد ورد في سورة (الكهف): ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ ]الكهف: من الآية 79[،  فهؤلاء فقراء ويملكون سفينة لكن واردهم لا يكفيهم.. فعلينا أن نحسن إلى من يملك ولا يكفيه ما يملك.

والإحسان إلى كلّ هؤلاء يرفع الحقد والكراهية من المجتمع، ويمنع التّفاوت الطّبقيّ، فمن يفعل ذلك فهو يبني حركة إصلاح حقيقيّة في المجتمع.

سادس بنود الميثاق: ﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا: ولم يقل: إحساناً؛ لأنّ كلمة (حسن) مصدر الحسن كلّه، وفيها لفتة قرآنيّة، أي ليكن كلامك كلّه حسناً أي مصدراً للحسن كلّه، ولا تكن بذيئاً ولا فاحشاً ولا تؤذي النّاس بلسانك ولا تنطق إلّا بالخير، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ  ]فصّلت: من الآية 34[، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ۚ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ  ]المؤمنون[، وجاء في الحديث الشّريف: «ليس المؤمن بالطّعان ولا اللّعان ولا الفاحش ولا البذيء»([5]). ومن النّاس من لا يُبالي أن يكون بذيء الكلام ويؤذي غيره بلسانه، ومنهم من يدعو إلى السّوء والبغض والطّائفيّة، كالإعلام المغرض الّذي يستخدم كلّ قبيح وخبيث، ويبثّ الفرقة والأحقاد والطّائفيّة، فهو لا يقول للنّاس حسناً، بل يقول للنّاس قبحاً. والحسن هو ما حسّنه الشّرع.

سابع بنود الميثاق: ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ.

ثامن بنود الميثاق: ﴿وَآتُواْ الزَّكَاةَ.

وقد جاءت الأفعال قبل الأمر بالصّلاة والزكاة والعبادات؛ لأنّ من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلن تزيده صلاته من الله إلّا بعداً، فأيّ صلاة وأيّ زكاة تقدّمها بين يدي الله سبحانه وتعالى إذا لم تكن بارّاً بوالديك ومحسناً لذوي القربى واليتامى والمساكين؟! ومن لا يحقّق هذا فستكون صلاته مجرّد حركات جوفاء لا قيمة لها ولا وزن، كما يقول تبارك وتعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا]الفرقان[، فجاءت أوّلاً الأفعال الّتي تؤدّي إلى إقامة الصّلاة، وإقامة الصّلاة ليست مجرّد أداء، بل هو أن تقيم الصّلاة بكلّ شروطها وأركانها وخشوعها، بأهدافها وغاياتها، يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ  ]العنكبوت: من الآية 45[، وذكر الله أكبر من الفحشاء والمنكر، وليس كمن استخدم: “الله أكبر” رمزاً لجريمته. وكلّ الشرائع فيها صلاة وزكاة، وقد تختلف حركات الصّلاة، لكنّها في كلّ الشّرائع صلة بين العبد والرّبّ، وقد تختلف مقادير الزكاة، لكنّها أيضاً موجودة في كلّ الشّرائع. والزكاة هي صنو الصّلاة، وهي هنا غير الإحسان (صدقة التّطوّع)، فهي فرض وحقّ للفقراء، وليست منّة ولا إحساناً؛ لأنّ الإحسان فوق المفروض، والصّدقة برهان، تبرهن بها على حسن صلتك بالله سبحانه وتعالى، فإن أديت الزكاة للأقرباء فهي صلة وزكاة، وإذا قدّمت الصّدقة إليهم فهي صلة وصدقة، فأنت تصل الرّحم وتتصدّق.

﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ: تولّوا عن الشّيء أي أعرضوا، إلّا قليلاً منهم (حسب صيانة الاحتمال) والله تبارك وتعالى لا يعمّم بل يقول: ﴿إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ، فالمولى تبارك وتعالى يرصد بواطنهم، ويكشف دخائلها، فهم يتولّون عن الميثاق وقلوبهم معرضة عنه.

وهذه صفة اليهود دائماً، يعرضون بقلوبهم عمّا أقرّوا به بألسنتهم.


([1]) صحيح مسلم: كتاب البرّ والصّلة والآداب، باب رغم أنف من أدرك أبويه أو أحدهما، الحديث رقم (2551).

([2]) صحيح البخاريّ: كتاب الأدب، باب من أحقّ النّاس بحسن الصّحبة، الحديث رقم (5626).

([3]) صحيح مسلم: كتاب البرّ والصّلة والآداب، باب صلة الرّحم وتحريم قطيعتها، الحديث رقم (2555).

([4]) صحيح البخاريّ: كتاب الطّلاق، باب اللّعان، الحديث رقم (4998).

([5]) سنن التّرمذيّ: كتاب البرّ والصّلة، باب اللّعنة، الحديث رقم (1977).

وَإِذْ: إذ ظرف زمان متعلق بفعل محذوف تقديره اذكر يا محمد أو اذكروا يا بني إسرائيل.

أَخَذْنا: فعل ماض وفاعل.

مِيثاقَ: مفعول به. «

بَنِي: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.

إِسْرائِيلَ: مضاف إليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة اسم علم أعجمي. وجملة أخذنا في محل جر بالإضافة.

لا تَعْبُدُونَ: لا نافية لا محل لها تعبدون فعل مضارع وفاعل.

إِلَّا: أداة حصر.

اللَّهَ: لفظ الجلالة مفعول به.

وَبِالْوالِدَيْنِ: الواو عاطفة الباء حرف جر الوالدين اسم مجرور بالياء لأنه مثنى. والجار والمجرور متعلقان بالفعل المحذوف وأحسنوا.

(ولا تعبدون): مقول القول لفعل محذوف تقديره قلنا لا تعبدون والنفي هنا للنهي. والجملة معطوفة على جملة لا تعبدون.

إِحْساناً: مفعول مطلق لفعل محذوف.

وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ: أسماء معطوفة، ذي اسم مجرور بالياء لأنه من الأسماء الخمسة.

وَقُولُوا: الواو عاطفة، قولوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والجملة معطوفة على جملة أحسنوا المحذوفة.

لِلنَّاسِ: متعلقان بقولوا.

حُسْناً: صفة لمفعول مطلق محذوف تقديره قولوا قولا ذا حسن. أو قولا حسنا.

وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ: الجملة معطوفة.

وَآتُوا: فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله.

الزَّكاةَ: مفعول به.

ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ: والجملة معطوفة على جملة مقدرة محذوفة أي قبلتم ثم توليتم.

إِلَّا: أداة استثناء.

قَلِيلًا: مستثنى منصوب.

مِنْكُمْ: متعلقان بقليل.

وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ: الواو حالية أنتم مبتدأ معرضون خبر والجملة حالية.

وَإِذْ: واذكر إذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل في التوراة.

مِيثاقَ الميثاق: العهد المؤكد الذي أخذ عليهم في التوراة، علماً بأنَّ العهد نوعان:

عهد خلقة وفطرة

وعهد نبوة ورسالة، وهذا هو المراد هنا.

لا تَعْبُدُونَ: خبر بمعنى النهي.

إِحْساناً: تحسنون إلى الوالدين إحساناً، أي برًا.

وَذِي الْقُرْبى: صاحب القربى من جهة الرحم أو العصب.

حُسْناً: أي وقولوا للناس قولاً حسناً من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصدق في شأن محمد، والرفق بهم.

تَوَلَّيْتُمْ: أعرضتم عن الوفاء به، فيه التفات عن الغيبة إلى الخطاب، والمراد: آباؤهم وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ عنه كآبائكم.