لكن السّؤال هنا لماذا يأخذون أسلحتهم؟ هل تخلّى الله عزَّ وجل عنهم وهو القائل: ﴿إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ﴾ [آل عمران: من الآية 160]، ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يصلّي إماماً فيهم، ومع ذلك قال جلّ وعلا: ﴿وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ﴾، والله سبحانه وتعالى موجودٌ فلماذا يأخذون حذرهم وأسلحتهم؟ الجواب: أنّ الله سبحانه وتعالى وضع في هذا الكون سننه في خلقه، وجعل لهذه الحياة أسباباً، ورتّب الأسباب على الأقدار، فإذا تخلّفت عن السّبب فلا تقل: قدري هكذا، أنت لا تعرف قدرك، مثلاً سيّارةٌ تسير بسرعةٍ فرميت بنفسك أمامها فدعستك، السّبب أنّك ألقيت بنفسك أمام السّيّارة المسرعة فقتلتك، لكن مكتوبٌ في القدر أنّك ستموت لأجلك، وليس السّبب هو الّذي أنهى حياتك، ذلك أنّ الله سبحانه وتعالى يرتّب الأسباب، ويُطالب الإنسان بالأسباب، ولا يُكلّف أحداً بالقدر، فهو من اختصاص الله عزَّ وجل، ولا تستطيع أن تصل إلى معرفته، لكنّه ربط الأسباب بالمسبّبات وقال لك: خذ بالأسباب في الحياة، بدليل أنّه عزَّ وجليقول لهم في صلاة الخوف ومعهم النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: خذوا أسلحتكم وحذركم، حتّى يعلّم النّاس ألّا يغفلوا عن الأسباب الّتي خلقها وأراد منّا أن نلتزم بها، لماذا لا تقول: يا ربّ أنا عطشان وتكتفي بذلك؟ لماذا تجلب الماء وتضعه في الكوب وتأخذ الكوب وتشرب؟! ألم نأخذ بالأسباب؟! لماذا نأخذ بالأسباب بهذه الأمور ولا نقول: قدر؟!
﴿وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ﴾: أمرك الله سبحانه وتعالى أن تأخذ بالأسباب، ورخّص لك الأمر.