هذه هي مشكلة المنافقين، فهم يظنّون أنفسهم مصلحين.
والفساد على أضرب، فساد في القيم، وفساد في النّعم، وفساد في البدن. وفساد القيم يعلّم النّاس الانحلال والنّفاق والفجور والسّرقة والكذب والرّشوة. أمّا فساد النّعم فهو سوء التّصرّف بالنّعم الّتي أعطانا الله إيّاها، فمثلاً: إذا أعطاك الله سبحانه وتعالى بئراً فردمته بدلاً من أن تصلحه وتستفيد منه، فقد أفسدت ما كان صالحاً في الكون. وفساد البدن مثاله لو أنّ إنساناً قيل له: لا تأكل كثيراً فيسقم بدنك، فأكثر من الأكل وتناول الأطعمة الّتي تضرّ بجسمه، ومَن قيل له: لا تشرب الخمر؛ لأنّه يؤدّي إلى تشمّع الكبد، فشرِبَ الخمر.. فهذا فساد البدن. وفساد القيم والنّعم أخطر؛ لأنّ علاقتهما مع المجتمع بأكمله، فإذا ظهر الفساد في قومٍ فقد أحلّوا بأنفسهم عذاب الله، وإذا شاعت الموبقات كالزّنا والرّبا.. الّتي هي من فساد القيم فإنّها تضرّ بالمجتمع.. وهذه من صفات المنافقين. والمنافقون يُفسدون بحجّة الإصلاح، وباعتقادهم أنّهم مصلحون، وهم يُفسدون القيم والنّعم والبدن.