﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً﴾: الفاحشة: من التّفحّش، أي الزّيادة في القبح، وأُطلقت في القرآن الكريم على معصيةٍ محدّدةٍ، أغلب العلماء قالوا بها، وهي الزّنا، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾[الإسراء]، لماذا أُطلِق على الزّنا؟ الجواب: لأنّ كلّ معصيةٍ لا يتعدّى أثرها إلى غيرها إلّا الزّنا فإنّه يتعدّى إلى غيره، فبعده يكون التّعدّي إمّا بقتل الولد الّذي نتج عن الزّنا، أو يوجد ولدٌ بلا أبٍ، واختلاطٌ بالأنساب، ومعاصٍ كثيرةٌ عقب الزّنا، لذلك كان هو الفاحشة الأساسيّة.
﴿قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا﴾: هنا نقطتان اثنتان: أوّلاً التّقليد الأعمى بقولهم: وجدنا عليها آباءنا، وثانياً: ادّعاؤهم أنّ الله سبحانه وتعالى أمر بها، وجميع الأديان السّماويّة إنّما جاءت لتلغي التّقليد الأعمى، وهنا لم يُجب الله سبحانه وتعالى على موضوع التّقليد؛ لأنّه أمرٌ باطلٌ، وإنّما أجاب عن الثّانية: ﴿وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا﴾، فقال عزَّ وجلّ: ﴿قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ﴾، لماذا؟ الجواب؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى كما أخبر جلَّ جلاله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النّحل].
﴿أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾: هم ارتكبوا ثلاث جناياتٍ: الأولى هي الفاحشة، والثّانية هي التّقليد الأعمى، والثّالثة أنّهم قالوا على الله جلَّ جلاله ما لا يعلمون، فقالوا: الله أمرنا بها.