والسّبب في ذلك أنّ الصّلاة هي صلةٌ مع الخالق سبحانه وتعالى، وأخلاقٌ مع الخَلْق، فإن لم تحقّق المعادلة بطرفيها فأنت لم تُقمِ الصّلاة، وإنّما تكون قد أدّيت الصّلاة أو أنّك ركعت وسجدت فقط، فالصّلاة لها جانبان؛ الجانب الأوّل: الصّلة مع الخالق عزَّ وجل، والجانب الثّاني: هو الأخلاق مع الخلق، فإذا باشر الإنسان صلاته ولم يستشعر عظمة من يقف بين يديه لم يُحقِّق الصّلة، وتعريف الصّلاة في اللّغة الدّعاء، وطالما أنّها لا تسقط فالطّريقة الّتي فرض بها الله سبحانه وتعالى الصّلاةَ على المسلمين كانت مختلفةً عن بقيّة الأركانِ، في العادة يأتي سيّدنا جبريل عليه السلام ويبلّغ النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالأمر الإلهيّ، وهكذا كان بالنّسبة لكلّ الأركان باستثناء الصّلاة، فقد استدعى الله سبحانه وتعالى النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى حضرته الشّريفة وكلّفه بالصّلاة مباشرةً من دون واسطة جبريل عليه السلام، كي تكون رسالةً للمصلّين بأنّ الإنسان عندما يصلّي يقف بين يديّ الله سبحانه وتعالى، لذلك جزءٌ من الصّلاة ما جرى في ذلك الموقف العظيم عندما عُرِج بالنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فأصبح عند سدرة المنتهى، وغشيته الأنوار الإلهيّة فقال: «التّحيات لله والصّلوات والطّيّبات»، فأجاب الله سبحانه وتعالى: «السّلام عليك أيّها النّبيّ ورحمة الله وبركاته»، فأجابت الملائكة: «السّلام علينا وعلى عباد الله الصّالحين، نشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّداً رسول الله»