هذه الآية معطوفة بالواو على الآية السّابقة، فالعطف على القسّيسين والرّهبان. ذكرت سابقاً أنّ الله سبحانه وتعالى حدّد للأمّة مسار العداوة فقال: أشدّ النّاس عداوةً هم اليهود أوّلاً وبشكلٍ رئيسيّ، وهذا مصداق ما نراه في هذه الأيّام، فمنذ نزول الرّسالة على قلب المصطفى عليه الصّلاة والسّلام والتّآمر اليهوديّ الصّهيونيّ مستمرٌّ وبأشكالٍ مختلفةٍ وبتواطؤٍ عربيّ وغربيّ، لذلك قرنهم المولى سبحانه وتعالى في هذه الآية مع اليهود، وقدّم اليهود على الّذين أشركوا، ولكنّ الله سبحانه وتعالى أراد أن يفرّق بين أهل الكتاب فيما يتعلّق بالعلاقة مع المسلمين، فوضع العلاقة بين المسلمين والمسيحيّين في إطار المودّة، وهي أعظم الأطر الّتي يمكن أن تؤخذ بين النّاس.
﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾: سبق القرآن الكريم العلم الحديث فيما يتعلّق بأحوال النّفس وأثرها على وظائف الأعضاء، فممّا يتعلّق بعلم النّفس: الإدراك والوجدان والنّزوع، فبيّنها المولى تبارك وتعالى في هذه الآية بقوله: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا﴾، أي أدركوا بحاسّة السّمع، وهي إحدى وسائل الإدراك، والّتي تضمّ السّمع والبصر والحسّ واللّمس.. ﴿تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾ تحرّك الوجدان بالنّسبة للدّمع إمّا أن تغرورق العين بالدّمع وإمّا أن تفيض أي تمتلئ، وهذا هو النّزوع.
﴿يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾: اكتبنا مع الشّاهدين الّذين يشهدون يوم القيامة على هذا الإيمان وعلى هذا الرّسول الكريم.