﴿وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ﴾: كان العرب قبل الإسلام تحيّتهم هي: حيّاك الله، فاستبدل الإسلام هذه التّحيّة: ﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ﴾ [الأحزاب: من الآية 44]، أصبحت تحيّة الإسلام: (السّلام عليكم) هنا الكلمة لها معنى، عندما يطلب منك المولى سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ فالمطلوب إشاعة السّلام بين النّاس، وانتقال دائرة هذه الكلمة من القول إلى الفعل، السّلام هو الأمن والاطمئنان، فعندما تلقي السّلام على غيرك فإنّك تلقي الأمن والاطمئنان، وتضمن أن ينالَ الغيرَ الخير، وألّا ينال منك الشّرّ، تحجز عنه شرّك وتعطيه من خيرك، فكلّ قاتلٍ وكلّ زانٍ وكلّ سارقٍ وكلّ منتهكٍ للأعراض وكلّ مجرمٍ وكلّ مغتابٍ لم يلقِ السّلام؛ لأنّه عندما يكذب أو يسرق أو.. فإنّه ينقل دائرة الشّرّ إلى الغير وليس دائرة الخير، فأين هو السّلام؟ وأين هي إشاعته؟ فالمعنى المجمل والعامّ للإسلام هو السّلام، وكلمة إسلام مشتقّةٌ من السّلام. جاء رجلٌ فسلّم على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: السّلام عليكم يا رسول الله، قال: «وعليك السّلام ورحمة الله»، ثمّ جاء آخر فقال: السّلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، قال: «وعليك السّلام ورحمة الله وبركاته»، ثمّ جاء آخر فقال: السّلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، فقال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «وعليك»، فقال الرّجل: يا رسول الله، أتاك فلان وفلان فحييتهما بأفضل ممّا حييتني، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنّك لن -أو لم- تدع شيئاً، قال الله عزَّ وجل: ﴿وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾، فرددت عليك التّحية»([1]).
﴿إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا﴾: إنّ الله سبحانه وتعالى يُحاسب على الكلمة، وعلى الكبيرة والصّغيرة، وكان حسيباً لرقابته للنّاس.