الآية رقم (21) - وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ

﴿ وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ﴾: لقد سلّط الله سبحانه وتعالى على قريش القحط، فمرّوا بسنواتٍ كتلك الّتي أصابت مصر في أيّام يوسف عليه السلام، ثمّ جاء لهم بالرّحمة من بعد ذلك، ومن المفروض أن يعودوا ويؤمنوا برسالة رسول الله ﷺ بعد أن علموا أنّ ما مسّهم من الجدب والقحط كان بسبب مكرهم بالنّبيّ ﷺ، فالمولى سبحانه وتعالى  أذاقهم رحمةً من بعد الضّرّاء الّتي مسّتهم.

﴿إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا ﴾: الكلام الملتوي الّذي لا يريد أن يعترف برحمة الله سبحانه وتعالى، والادّعاء أن سقوط المطر كان بالحظّ؛ أي محاولة الالتفاف لتجريد هذه العجائب الّتي هي من صنع الله سبحانه وتعالى، وعلينا أن نعلم أنّ العلم وقوانينه هبةٌ من الله سبحانه وتعالى، وهو الوحيد القادر على أن يوقف الأسباب، وهو الفعّال لما يريد، وكلّ خيرٍ لا يُنسب إلّا إليه سبحانه وتعالى، وقد بيّن سبحانه وتعالى أنّه قيّومٌ على القوانين الّتي تحكم وتضبط الكون وفي أيّ وقتٍ يشاء يخرقها تبارك وتعالى، والمكر هو الكيد الخفيّ، مأخوذٌ من التفاف أغصان الشّجر كالضّفيرة، فلا تعرف منبت ورقة الشّجر ومن أيّ غصنٍ خرجت، وقد تكيد لمساويك من البشر، لكن لن تقدر أبداً على أن تكيد لمن هو أعلى منك، وهو الله جلّ وعلا.

﴿ قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا﴾: هذه اسمها في اللّغة العربيّة المشاكلة اللّفظيّة، فهو أسرع استدراجاً لكم وعقوبةً منكم من المكر في آياته عز وجل.

﴿ إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ﴾: فكلّ تبييتٍ بخفاءٍ يُكتب، قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)﴾ ]الانفطار[، هذا المكر والتّحايل وكلّ ما تقومون بها مكتوبٌ عند الله سبحانه وتعالى من قِبل رسله الكرام وهم الملائكة 4.

«وَإِذا»: الواو استئنافية وإذا ظرف يتضمن معنى الشرط.

«أَذَقْنَا»: ماض وفاعله والجملة مضاف إليه.

«النَّاسَ»: مفعول به أول.

«رَحْمَةً»: مفعول به ثان.

«مِنْ بَعْدِ»: متعلقان برحمة.

«ضَرَّاءَ»: مضاف إليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف.

«مَسَّتْهُمْ»: ماض والتاء للتأنيث والهاء مفعول به وفاعله مستتر والجملة صفة لضراء.

«إِذا»: الفجائية.

«لَهُمْ»: متعلقان بالخبر المقدم.

«مَكْرٌ»: مبتدأ مؤخر والجملة مضاف إليه.

«فِي آياتِنا»: متعلقان بمكر ونا مضاف إليه.

«قُلِ»: أمر وفاعله مستتر والجملة مستأنفة.

«اللَّهُ أَسْرَعُ»: مبتدأ وخبر والجملة مقول القول.

«مَكْراً»: تمييز.

«إِنَّ رُسُلَنا»: إن واسمها ونا مضاف إليه والجملة تعليل.

«يَكْتُبُونَ»: مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة خبر.

«ما»: موصولية مفعول به.

«تَمْكُرُونَ»: مضارع والواو فاعل والجملة صلة.

أَذَقْنَا أصل الذوق: إدراك الطعم بالفم، ويستعمل مجازا في إدراك غيره من الأشياء المعنوية كالرحمة والنعمة، والعذاب والنقمة.

النَّاسَ: أي كفار مكة.

رَحْمَةً: مطرا وخصبا وصحة وسعة.

مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ: بؤس، وجدب أو قحط، ومرض.

مَكْرٌ فِي آياتِنا: بالطعن فيها والاحتيال في دفعها بالاستهزاء والتكذيب.

قُلِ لهم اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً المكر: التدبير الخفي الذي يفضي بالغير إلى مالا يتوقعه، والمراد هنا: مجازاة أو جزاء على المكر، أو المراد الاستدراج.

إِنَّ رُسُلَنا: الحفظة الكرام الكاتبين من الملائكة.