يُعَرِّج الحقّ تعالى على كفّار مكّة فيقول:
﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ﴾: أي: طريقة الهدى.
﴿لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾: أي: ماءً كثيراً من السّماء.
فلو آمنوا واستقاموا على طريقة الحقّ والاستقامة لوسّعنا عليهم في الرّزق وبسطنا لهم في الدّنيا.
والماء الغدق قد يكون المطر، ويقول بعضهم: قد يكون المال؛ لأنّ المال يأتي نتيجة لعطاء السّماء من الأمطار؛ لأنّه يقول بعدها: ﴿ لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾؛ أي: لنبتليهم به ونختبرهم، وقد قال عمر رضي الله عنه: أينما كان الماء كان المال، وأينما كان المال كانت الفتنة، فرزق الدّنيا فتنة وابتلاء، ومن فُتِنَ برزق الدّنيا مالاً أو جاهاً أو نساء فقد خسر وخاب، ويكون الابتلاء والفتنة شرّاً له.
﴿وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾: ففي الآية السّابقة قال: ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ﴾، ماذا يحدث لهم؟ ﴿لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾، هذا لِـمَنْ آمن واستقام على منهج الله عز وجل وشرعه، أمّا مَنْ لم يؤمن، بل أعرض ونأى بجانبه وصدّ عن سبيل الله تعالى: ﴿يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾، كان مطلوباً منه أن يسلك سبيل الرّشاد والهدى والاستقامة على الطّريقة ولكنّه أعرض، لذلك ﴿يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾؛ أي: يُدخِله الله تعالى عذاباً شديداً شاقّاً متصاعداً لا راحة فيه، وقد أعطانا الحقّ تعالى مثالاً لهذا العذاب الشّديد الشّاقّ المتصاعد، فقال: ﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا﴾[المدّثّر]، ثمّ يذكر لنا الحقّ تعالى قضيّة لا بدّ أن نضعها في أذهاننا، وهي: