الآية رقم (63) - وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

فالمجتمع إذا لم يكن متآلفاً على قلب رجلٍ واحدٍ مع وحدة الصّفّ والكلمة والهدف لا يمكن أن ينتصر.

(وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ): والإلف: هو الاجتماع مع التئامٍ، فقد كانوا يتقاتلون من أجل جملٍ ومن أجل بيت شعرٍ.. وكان هناك ضغينةٌ بين القبائل وتفرّقٌ هائلٌ، فلا تستطيع يا محمّد لا أنت ولا أيّ إنسانٍ من البشر أن يؤلّف بين قلوب هؤلاء المتفرّقين.

(لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ): لأنّ مُلك الأرض يستطيع أن يؤثّر على أيّ شيء إلّا على القلوب، لا تستطيع أن تدفع للإنسان مبلغاً كبيراً من المال وتقول له: أحبّني؛ لأنّ الحبّ لا يُشترى ولا يُباع، فلو تظاهر بالحبّ فإنّك لا تستطيع أن تؤثّر على قلبه.

(وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ): فالقلوب بيد الله سبحانه وتعالى كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ قلوب بني آدم كلّها بين إصبعين من أصابع الرّحمن كقلبٍ واحدٍ يصرّفه حيث يشاء»([1]).


([1]) صحيح مسلم: كتاب القدر، باب تصريف الله I القلوب كيف شاء، الحديث رقم (2654).

وَأَلَّفَ: فعل ماض تعلق به الظرف «بَيْنَ» .

قُلُوبِهِمْ: مضاف إليه والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة معطوفة.

لَوْ: حرف شرط غير جازم.

أَنْفَقْتَ: فعل ماض وفاعل واسم الموصول «ما» بعده مفعول به.

فِي الْأَرْضِ: متعلقان بمحذوف صلة الموصول.

جَمِيعاً: حال.

ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ: ما نافية والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم.

وَلكِنَّ: حرف مشبه بالفعل.

اللَّهَ: لفظ الجلالة اسمها

جملة «أَلَّفَ بَيْنَهُمْ» في محل رفع خبر.

إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ: إن واسمها وخبراها، والجملة مستأنفة.

وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ: وجمع بين قلوب المؤمنين من الأوس والخزرج، بعد التفرق والتشتت، على دينه الحق, فصيَّرهم به جميعًا بعد أن كانوا أشتاتًا, وإخوانًا بعد أن كانوا أعداء.
لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم: لو أنفقت، يا محمد، ما في الأرض جميعاً من ذهب ووَرِق وعَرَض, ما جمعت أنت بين قلوبهم بحيْلك, ولكن الله جمعها على الهدى فأتلفت واجتمعت، تقوية من الله لك وتأييدًا منه ومعونة على عدوك.