الآية رقم (12) - وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ

﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ﴾: هذه آية أخرى ومعجزة جديدة، قال عنها في موضع آخر: ﴿اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ﴾[القصص: من الآية 32]، وهنا قال: ﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ﴾، فما الفرق بين: أَدْخِل يدك، واسْلُك يدك؟ قال العلماء: لأنّه ساعة يُدخِل يده في جيبه، يعني: في فتحة القميص، إنْ كانت فتحة القميص مفتوحة أدخل يده بسهولة فيُسمّى: (إدخال)، فإن كانت مغلقة، كأن يكون فيها أزرار مثلاً، احتاج أنْ يسلك يده، يعني: يُدخل يده برفق ويُوسِّع لها مكاناً، نقول: سلك الشّيء، يعني: أدخله بلُطْف ورِفْق، ومنه السّلك الرّفيع حين ندخِله في شيء، وعندما نسمع كلمة الجيب نجد أنّ لها معنىً عرفيّاً بين النّاس، ومعنى لُغويّاً: فمعناها في اللّغة فتحة القميص العليا، الّتي تكون للرّقبة، وهي في المعنى العُرْفيّ فتحة في داخل الثّوب، مثل الّتي يضع فيها الإنسان نقوده.

﴿تَخْرُجْ بَيْضَاءَ﴾: أي: تخرج بيضاء ناصعة مُنوِّرة، ومعلوم أنّ موسى عليه السّلام كان أسمر، فحين يروْنَ لون يده تغيّر إلى البياض، فربّما قالوا: إنّ ذلك مرضٌ، كالبرص مثلاً، لذلك أزال الله عزَّ وجلَّ هذا الظّنَّ بقوله:

﴿مِنْ غَيْرِ سُوءٍ﴾: من غير مرض.

﴿فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ﴾: ليعلم موسى عليه السّلام أنّ هذه الآية واحدة من تسع آيات أخرى يُثبِّته الله عزَّ وجلَّ بها أمام عدوّه فرعون وقومه.

وهذه الآيات التّسع هي:

1- العصا، ولها مهمّتان: أن تتحوّل إلى حيّة أمام السّحرة، وأنْ يضرب بها البحر أمام جيش فرعون، حينما يهاجمه.

2- اليد.

3- الجدب.

4- نقص الثّمرات، في قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ [الأعراف].

5- الطّوفان.

6- الجراد.

7- القُمَّل.

8- الضّفادع.

9- الدَّم.

هذه تسع آيات تُثبِّت موسى عليه السّلام أمام فرعون وقومه، فهل أُرسل موسى عليه السّلام إلى فرعون خاصّة؟ الجواب: لا، إنّما أُرسِل إلى بني إسرائيل، لكنّه أراد أنْ يُقنع فرعون بأنّه مُرْسَل من عند الله عزَّ وجلَّ حتّى لا يحول بينه وبينهم، وجاءت مسألة دعوة فرعون إلى الإيمان بالله عزَّ وجلَّ عَرَضاً في أحداث القصّة، فليست هي أساس دعوة موسى عليه السّلام.

﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾: إشارةً إلى أنّ الإنسان، وإنْ كان كافراً خارجاً عن طاعة الله تعالى، إلّا أنَّ أصله من أصلاب مؤمنة، والمراد الإيمان الأوّل في آدم عليه السّلام، لذلك المقصود هنا أنّه فاسق؛ لأنّه خرج عن التّكاليف وعن الإيمان.

«وَأَدْخِلْ يَدَكَ» أمر فاعله مستتر ومفعول به والكاف مضاف إليه والجملة معطوفة

«فِي جَيْبِكَ» متعلقان بأدخل

«تَخْرُجْ» مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وفاعله مستتر

«بَيْضاءَ» حال

«مِنْ غَيْرِ» متعلقان ببيضاء

«سُوءٍ» مضاف إليه

«فِي تِسْعِ» متعلقان بفعل محذوف تقديره اذهب في تسع

«آياتٍ» مضاف إليه

«إِلى فِرْعَوْنَ» متعلقان بالفعل المحذوف

«وَقَوْمِهِ» معطوف على فرعون والهاء مضاف إليه

«إِنَّهُمْ» إن واسمها والجملة مستأنفة

«كانُوا» كان واسمها والجملة خبر إن

«قَوْماً» خبر كان

«فاسِقِينَ» صفة