الآية رقم (102) - وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ﴾: هنا صيانة الاحتمال، فعندما عاد النّبيّ ﷺ من غزوة تبوك بعض الّذين تخلّفوا قدّموا الأعذار للنّبيّ ﷺ وتابوا، فخلطوا عملاً صالحاً بعملٍ سيّئٍ، وقد روت كتب السّيرة أنّ بني قريظة بَعَثوا إلى رسول الله ﷺ أن ابعثْ إلينا أبا لُبَابَة بن عبد الـمُنذر أخا بني عمرو بن عَوْفٍ وكانوا حلفاء الأوس، لِنَستشيره في أمرنا، فأرسله رسولُ الله ﷺ إليهم، فلمّا رأوه قام إليه الرّجال وجَهَشَ إليه النّساء والصّبيان يبكون في وجهه فَرَقّ لهم وقالوا له: يا أبا لُبَابة، أترى أن نَنْزِل على حُكْم محمّدٍ؟ قال: نعم، وأشار بيده إلى حَلْقِه إنّه الذّبحُ. قال أبو لُبابة: فوالله ما زَالَتْ قدماي مِن مكانهما حتّى عَرَفْت أنّي قد خُنْت الله ورسوله ﷺ، ثمّ انطَلق أبو لُبابة على وجهه ولم يأت رسولَ الله ﷺ حتّى ارتبط في الـمَسجد إلى عمودٍ من عُمده وقال: لا أبرح مكاني هذا حتّى يتوب اللهُ عليّ ممّا صنَعْت، فنزل فيه هذه الآيات.

﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾: (عسى) للرّجاء، أمّا (ليت) فتأتي للأمر الّذي لن يتحقّق، كقول الشّاعر: ليت الشّباب يعود يوماً -فهو لن يعود- أمّا قولهم: عسى الله أن يكرمك، (عسى) فيها رجاءٌ يمكن أن يتحقّق، وعندما يقول الله سبحانه وتعالى :﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ إذاً تحقّق الرّجاء؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى  غفورٌ رحيمٌ، يغفر ويرحم.

«وَآخَرُونَ»: مبتدأ والجملة معطوفة.

«اعْتَرَفُوا»: ماض وفاعله والجملة صفة آخرون.

«بِذُنُوبِهِمْ»: متعلقان باعترفوا.

«خَلَطُوا»: ماض وفاعله والجملة خبر.

«عَمَلًا»: مفعول به.

«صالِحاً»: صفة.

«وَآخَرَ»: معطوف على عملا.

«سَيِّئاً»: صفة آخر.

«عَسَى»: من أفعال الرجاء يرفع الاسم وبنصب الخبر.

«اللَّهُ»: لفظ الجلالة اسمها.

«أَنْ»: ناصبة.

«يَتُوبَ»: مضارع منصوب بأن والفاعل مستتر.

«عَلَيْهِمْ»: متعلقان بيتوب.

«إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»: إن واسمها وخبراها والجملة تعليل لا محل لها.

خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً: هو الجهاد السابق قبل ذلك أو إظهار الندم والتوبة.

وَآخَرَ سَيِّئاً: وهو تخلفهم، وهم أبو لبابة وجماعة من المتخلفين أوثقوا أنفسهم على سواري المسجد.

عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ: أن يقبل توبتهم.

إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ: يتجاوز عن التائب ويتفضل عليه.