الآية رقم (33) - هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ

(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ): هو الّذي أرسل رسوله محمّداً عليه الصّلاة والسّلام بالهدى؛ أي القرآن الكريم: (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)  [الإسراء: من الآية 9]، فالكتاب الّذي نزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو الهداية.

(وَدِينِ الْحَقِّ): دين الحقّ هو الدّين الّذي نزل من عند الله سبحانه وتعالى، أمّا الأديان الّتي اتّخذها النّاس كعبادة الأوثان والأصنام وعبادة الشّمس والقمر… فهي الباطل.

(لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ): قد يقول قائلٌ: بأنّ المسلمين الآن في مؤخّرة النّاس وفي ذيل ركب الحضارة الإنسانيّة فكيف يقول سبحانه وتعالى: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) ؟ والجواب: أنّ الظّهور هو ظهور حجّةٍ واقتناعٍ وليس ظهور قوّة، نضرب مثالاً: قامت في أمريكا وأوروبّة حملاتٌ كبيرةٌ من أجل منع رضاع الأطفال واستخدام الحليب الصّناعيّ عوضاً عن ذلك معتقدين أنّ هذا أفضل للطّفل، فتبيّن بعد فترةٍ من الزّمن أنّهم عادوا إلى ما قاله الإسلام، واكتشفوا أنّ أفضل شيءٍ للطّفل هو الرّضاع، وكذلك تحريم الإسلام للخمر، نجدهم الآن هم أنفسهم يحرّمون الخمر في بلدانهم، لا يحرّمونه تشريعيّاً وإنّما يحرّمونه لأسبابٍ صحيّةٍ ولأسبابٍ تتعلّق بسلامة المجتمع، فإذاً الظّهور هو ظهور حجّةٍ واقتناع؛ لأنّه لا يوجد في كتاب الله سبحانه وتعالى أيّ آيةٍ تناقض العلم البشريّ والعلم الصّحيح؛ لأنّ الخالق هو الله سبحانه وتعالى فلا تناقض صحيح العلم، وإنّما ما أتى في القرآن الكريم كلّه وإن لم يصل إليه النّاس الآن سيصلون إليه في فترةٍ من الفترات، وهناك أمورٌ كثيرةٌ حتّى في مواضيع الطّلاق والزّواج، وكلّما مرّت الأيام أثبتت بأنّ ما جاء به الإسلام هو القيم الصّحيحة والسّليمة، وهذا هو الظّهور؛ ظهور الحجّة والاقتناع.

هُوَ الَّذِي: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ واسم الموصول بعده خبره.

أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى: فعل ماض تعلق به الجار والمجرور ورسول مفعوله والهاء مضاف إليه وفاعله ضميره مستتر والجملة صلة الموصول.

وَدِينِ: عطف على الهدى.

الْحَقِّ: مضاف إليه.

لِيُظْهِرَهُ: المصدر المؤول من أن المضمرة بعد لام التعليل والفعل المضارع في محل جر باللام والجار والمجرور متعلقان بأرسل.

عَلَى الدِّينِ: متعلقان بالفعل يظهر.

كُلِّهِ: توكيد.

وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ: مثل ولو كره الكافرون.

أَرْسَلَ رَسُولَهُ: محمداً صلّى الله عليه وآله وسلم.

لِيُظْهِرَهُ :يعليه.

عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ: جميع الأديان المخالفة له.