(نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ): نزّل عليك القرآن يا محمّد بالحقّ كما قال تعالى: (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) [الإسراء: من الآية 105]، والحقّ هو الشّيء الثّابت الّذي لا يتغيّر.
(مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ): ما بين يديه أي الكتب الّتي سبقته، فالقرآن مصدّق لما جاء في التّوراة والإنجيل فيما يتعلّق بالعقائد والآخرة وأصول الدّين، وما يتعلّق بوحدانيّة الله سبحانه وتعالى والجنّة والنّار…
(وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ): هناك فارق بين نزّل وأنزل، عندما تحدّث عن القرآن الكريم قال: (نَزَّلَ عَلَيْكَ)، وعندما تحدّث عن التّوراة والإنجيل قال: (وَأَنزَلَ)، مع أنّه يوجد آيات تتعلّق بالقرآن استخدم فيها لفظ (أنزل)، كقوله سبحانه وتعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر]، لماذا؟ لأنّ القرآن الكريم نزل مفرّقاً على قلب المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم، أمّا عندما تقول: (أنزل) فالمقصود أنّه نزل جُملة واحدة، فالتّوراة نزلت دفعة واحدة وكذلك الإنجيل، بينما القرآن نزل منجّماً خلال ثلاثة وعشرين عاماً، أمّا قوله: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر]، فالمقصود أنّه نزل من اللّوح المحفوظ إلى السّماء الدّنيا دفعة واحدة، ثمّ نزل منجّماً على قلب سيّدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فعندما يتحدّث عن الإنزال الأوّل من اللّوح المحفوظ إلى السّماء الدّنيا يقول: (أنزل)، أمّا (نزّل) فالمقصود نزوله مفرّقاً، وأوّل ما نُزّل في الغار على سيّدنا النّبيّ صلَّى الله عليه وسلّم قوله سبحانه وتعالى: (اقْرَأْ) [العلق: من الآية 1]. ونحن نؤمن بالكتب السّماويّة، وهذا مصداق للآيات في خواتيم سورة (البقرة).