الآية رقم (143) - مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً

المنافقون مذبذبون؛ لأنّهم يميلون مثلما يميل الهوى معهم، فإذا كانت القوّة في هذا الطّرف فإنّهم يميلون إليه، وإن كانت في الطّرف الآخر يميلون إليه، إن كان المال في هذا الطّرف يذهبون إليه، وإن كان مع الآخر فيذهبون إليه، فهم كما قيل:

رأيتُ النّاسَ قَدْ مَالوا
ومَن لا عِنْدَهُ مالُ
رأيتُ النّاسَ قَدْ ذهَبوا
ومَن لا عِنْدَه ذهَبُ
رأيتُ النّاسَ مُنفضّة
              ومَن لا عِنْدَه فِضّة       

إلى مَن عِنْده مالُ
فعنه النّاسُ قَدْ مَالوا
إِلى مَن عِندَه ذَهَبُ
فعنه النَّاسُ قد ذَهَبُوا
إِلى مَن عِنْده فِضّة
فَعنهُ النَّاسُ مُنفضّة 

مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، أين تكون الفضّة، أين يكون الذّهب، أين يكون المال، أين تكون القوّة، أين تكون العزّة كما يعتقدون فإنّهم يذهبون.

وكلمة ذبذب: من الذّباب الّذي يذبّ ثمّ يعود.

﴿وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً﴾؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى هداهم فاختاروا العمى على الهدى: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ [الإنسان]، وبيّن الله تعالى لنا الطّريق والهداية، وأرشدنا إلى الطّريق، لكن إن اخترت طريق الضّلال فإنّ الله سبحانه وتعالى يعينك عليه، وإن اخترت طريق الهداية فإنّ الله تبارك وتعالى يعينك عليه، وهذا هو المقصود بقول الله جلّ وعلا: ﴿وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً﴾؛ لأنّه هو اختار الضّلال فأضلّه الله تبارك وتعالى على علمٍ.

مُذَبْذَبِينَ: حال منصوبة بالياء لأنه جمع مذكر سالم وقد تعلق به الظرف «بَيْنَ» بعده واسم الإشارة «ذلِكَ» في محل جر بالإضافة

لا إِلى هؤُلاءِ: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال أي: لا مائلين إلى هؤلاء

«وَلا إِلى هؤُلاءِ» عطف

وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ: من شرطية مبتدأ وفعل الشرط المجزوم ولفظ الجلالة فاعله ومفعوله محذوف أي: ومن يضلله الله

جملة «فَلَنْ تَجِدَ» في محل جزم جواب الشرط

لَهُ سَبِيلًا: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال لسبيلا وجملتا الشرط والجواب خبر المبتدأ من.

مُذَبْذَبِينَ: مترددين.

بَيْنَ ذلِكَ: بين الكفر والإيمان.

لا إِلى هؤُلاءِ: لا منسوبين إلى الكفار.

وَلا إِلى هؤُلاءِ: ولا إلى المؤمنين.

سَبِيلًا: طريقاً إلى الهدى.