قد يقول قائل: لماذا التّكرار؟ هنا لا يوجد تكرار، وعليك أن تنظر إلى سياق الآية القرآنيّة.
(مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ): من قبل نزول القرآن أنزل التّوراة والإنجيل لهداية النّاس، فما هي الهداية؟ هي الدّلالة على الطّريق المستقيم، فعندما ذكر أنّ نزول التّوراة والإنجيل كان قبل نزول القرآن، كان لا بدّ من أن يقول بعدها: (وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ) فالقرآن هداية للنّاس أيضاً، حتّى لا تعتقد أنّ هداية النّاس محصورة فقط بالكتب السّابقة؛ فلذلك تكرّر التّنويه إلى نزول الفرقان.
لماذا سمّى القرآن الكريم الفرقان؟ ليبيّن أنّه سيحدث صراع بين الحقّ والباطل، وبين الخير والشّرّ، فالقرآن يُفرّق بين الحقّ والباطل.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ): بعد كلّ هذا البيان والإقناع بالحجّة والبرهان فالّذين كفروا لهم عذاب شديد من قبل الله سبحانه وتعالى، وليس لنا أن نُكره أحد على الدّخول في الإسلام، وقد قال سبحانه وتعالى مُخاطباً نبيّه: )فذكِّر إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِر) [الغاشية].
(واللّهَ عَزِيزٌ): والعزيز هو الغالب الّذي لا يُغلب، وتأتي بمعنى المستغني الّذي لا يحتاج إلى عبادة النّاس كما جاء في الحديث القدسيّ: «يا عبادي لو أنّ أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي، لو أنّ أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئاً»([1])، فالله سبحانه وتعالى ليس بحاجة لعبادتنا.
(ذُو انتِقَامٍ): يكون هذا من جرّاء الجحود بالإيمان بالله سبحانه وتعالى، والكفر بأنعمه عز وجل.