قلنا: بأنّ المعارك الّتي تمّت بين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبين المشركين إنّما كانت لردّ الاعتداء وليست من أجل نشر الدّين، ولم يؤذن للمؤمنين أن يقاتلوا إلّا عندما اُعتدي عليهم: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) [الحجّ: من الآية 39]، وهذا القتال هو دفاعٌ عن النّفس والأرض والعرض والوطن، وهو أمرٌ مشروعٌ في قوانين السّماء والأرض كلّها، وبما أنّها الموقعة الأولى والمرّة الأولى الّتي يحدث فيها قتالٌ، فسيكون هناك أسرى، وقد اختُلف في موضوعهم، لذلك بيّن الله سبحانه وتعالى لهم الحكم بعد الفعل:
(مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ۚ): لا بدّ من التّمكين في الأرض أوّلاً، ثمّ تكون هناك مبادلةٌ للأسرى، ليصبح للمؤمنين قوّةٌ توازي قوّة المشركين حتّى يكون الأمر بالفعل وردّ الفعل والمساواة.
(تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۗ): لا تبحثوا عن الأمر الدّنيويّ وعن عَرَضٍ زائل في الدّنيا، فالله جلّ وعلا يريد منكم أن تبحثوا دائماً عن الآخرة.