الحديث هنا عن العبوديّة لله سبحانه وتعالى، ويفتخر السّيّد المسيح والملائكة والرّسل والخلق جميعاً بنسبتهم إلى العبوديّة لله سبحانه وتعالى.
العبوديّة لله سبحانه وتعالى على عكس العبوديّة للبشر، الّتي هي مذمومةٌ لدينا، فالله سبحانه وتعالى عندما يريد تكريم خلقٍ من خلقه ينسب العبوديّة إليه؛ لأنّ العبودية لله عزَّ وجلّ عطاءٌ، فالله سبحانه وتعالى عزيزٌ مستغنٍ عن عبادة خلقه، وفي الحديث القدسيّ: «يا عبادي، إنّكم لن تبلغوا ضرّي فتضرّوني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي، لو أنّ أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحدٍ منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي، لو أنّ أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحدٍ ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي، لو أنّ أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنّكم قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيت كلّ إنسان مسألته ما نقص ذلك ممّا عندي إلّا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر، يا عبادي، إنّما هي أعمالكم أُحصيها لكم ثمّ أوفيكم إيّاها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلّا نفسه»([1])، العبوديّة لله سبحانه وتعالى عِزٌّ، فعندما أراد الله سبحانه وتعالى أن يكرّم النّبيّ محمّداً صلَّى الله عليه وسلَّم أكمل له صفة العبوديّة فقال: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الإسراء]، لم يقل: سبحان الّذي أسرى برسوله، ولا سبحان الّذي أسرى بنبيّه، ولا سبحان الّذي أسرى بمحمّدٍ، وإنّما قال: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ﴾؛ لأنّ العبوديّة لله سبحانه وتعالى هي عطاءٌ تامٌّ منه سبحانه وتعالى
حسبُ نفسي عزّاً بأنّي عبدٌ هو في قدسه الأعزّ ولكن |
يحتفي بي بلا مواعيد ربُّ
|