الآية رقم (12) - لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ

فأبقينا سفينة نوح لنجعلها تذكرةً وعبرةً وآيةً وموعظة لكم تتّعظون بها: ﴿ إِنَّ هَٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا﴾ [الإنسان].

﴿تَذْكِرَةً﴾: أي: تذكيراً لكم؛ أي: لنجعل هلاك قوم نوح لكم عبرة لتعتبروا بها، فتذكروا هذه القصّة فتكون لكم ولمن سمعها عبرة وعظة، ولا يكفي أن تكون تذكرة فقط وموعظة وعبرة، بل أيضاً:

﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾: فالأذن الواعية حافظة لما سمعت فانتفعت بما سمعت من الموعظة، حتّى أنّ قتادة بن النّعمان قال في تأويل الآية: “أذنٌ سمعت وعقلتْ وأوعت”، فصاحب الأذن الواعية يحذر معاصي الله عز وجل أن يُعذِّبه الله تعالى عليها كما عذَّب مَن كان قبله، وعندما تسمع الأذن يجب أن تعقل هذا السّماع وتحفظ وتعي.

والهاء في ﴿وَتَعِيَهَا﴾ راجعة على التّذكرة، وجعل للأذن وعياً، والمعروف أنّ الوعي للقلب وللأذن السّمع، ولكنّه استعار الوعي للأذن إمّا لشدّة استماع الأذن، وإمّا لأداء الأذن ما تسمع إلى القلب فيعيه القلب، والوعي: أن تحفظ الشّيء في نفسك، كأن تحفظ الشّيء في عقلك أو في قلبك، فلا تضيع ما سمعته أذنك بترك العمل به، فالأذن الواعية هي الّتي عقلت عن الله تعالى، وانتفعت بما سمعت من كتاب الله عز وجل.