﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى﴾: الّذين يستجيبون للرّبّ الّذي خلق من عدمٍ، وأوجد لهم مقوّمات الحياة واستبقاء النّوع بالزّواج والتّكاثر، فإذا دعاهم لشيءٍ فليعلموا أنّ ما يطلبه منهم متمّمٌ لمصلحتهم الّتي بدأها بإيجاد كلّ شيءٍ لهم من البداية، هؤلاء لهم الحُسنى، فلا تظنّ أنّك تتفضّل على ربّك، فسبحانه جعل الدّنيا مزرعةً للآخرة، ونحن في الدّنيا نوكل لقدرتنا على الأخذ بالأسباب، لكنّنا في الآخرة للمسبِّب، ويقول سبحانه وتعالى في آيةٍ أخرى: ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ﴾]يونس: من الآية 26[، الحُسنى هي الأمر الأحسن، وقد خلق الله سبحانه وتعالى لنا في الدّنيا الأسباب الّتي نكدح فيها، ولكنّنا في الآخرة نحيا بدون كدحٍ بكلّ ما نتمنّى، وهذا هو الحسَن، كلمة الحُسنى مؤنّثة، من أفعل التّفضيل، يُقال: حسنة وحُسنى، وفي المذكّر يُقال: حسن وأحسن.
﴿ وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ ﴾: يقول الإنسان حينها: خذوا كلّ ما أملك وأعتقوني، ولكن لا يُستجاب له.
﴿أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾: لأنّ الحساب يترتّب عليه خيراً مرّةً وشرّاً مرّةً أخرى، وهنا قال المولى سبحانه وتعالى: ﴿وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾؛ لأنّ الواحد من هؤلاء -والعياذ بالله- لن يستطيع أن يتصرّف في النّار عندما يوضع فيها، كما لا يستطيع الطّفل الوليد أن يتصرّف في مهاده.