الآية رقم (198) - لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ

الحجّ يختلف عن العمرة، بركن الوقوف في عرفة بل الحجّ عرفة([1]) كما قال عليه الصّلاة والسّلام.

(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ):  الجناح الإثم، ولـمّا أمر الله تبارك وتعالى بتنزيه الحجّ عن الرّفث والفسوق والجدال رخّص في التّجارة، والمعنى لا جناح عليكم في أن تبتغوا فضل الله، وابتغاء الفضل ورد في القرآن الكريم بمعنى التّجارة، قال الله سبحانه وتعالى: (فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ) [الجمعة: من الآية 10]، والدّليل على صحّة هذا ما رواه البخاريّ عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: كانت عكاظ ومجنَّة وذو المجاز أسواقاً في الجاهليّة فتأثّموا أن يتّجروا في المواسم فنزلت: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ) في مواسم الحجّ([2])، وهذا دليل على جواز الاتّجار في الحجّ مع أداء العبادة والنّسك.

(فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ): ما هي الإفاضة؟ الفائض عن الكأس من الماء ما زاد عنه بعد امتلائه، فالزّيادة عن الموجود، افترق عنه ففاض عن الموجود، ودائماً عرفات عندما تنظر إليها ترى بأنّها فائضة، وكلمة الإفاضة من عرفات كأنّه كأس ممتلئة، ومنذ ذلك الوقت وحتّى الآن وهي تمتلئ، ولم يأت موسم أو عام من الأعوام إلّا وعرفات ممتلئة وتفيض، لذلك كانت هذه الآية بهذه الدّقّة:

(فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ) عرفات يعرف فيها الإنسان ربّه ويعرف نفسه ويعرف ذنبه في ذلك الموقف العظيم، هناك أقوال عديدة لماذا سمّيت عرفات بهذا الاسم؟ لم يرجح فيها قول على آخر.

لَيْسَ: فعل ماض ناقص.

عَلَيْكُمْ: متعلقان بمحذوف خبر مقدم.

جُناحٌ: اسمها مؤخر.

أَنْ تَبْتَغُوا: أن حرف مصدري ونصب. تبتغوا فعل مضارع منصوب بحذف النون والواو فاعل وأن والفعل في تأويل مصدر في محل جر

بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بجناح.

فَضْلًا: مفعول به.

مِنْ رَبِّكُمْ: متعلقان بالفعل قبلهما.

فَإِذا أَفَضْتُمْ: الفاء استئنافية إذا ظرف لما يستقبل من الزمن أفضتم فعل ماض والتاء فاعل والجملة في محل جر بالإضافة.

مِنْ عَرَفاتٍ: جار ومجرور متعلقان بأفضتم.

فَاذْكُرُوا: الفاء رابطة لجواب الشرط اذكروا فعل أمر والواو فاعل.

اللَّهَ: لفظ الجلالة مفعول به.

عِنْدَ: ظرف مكان متعلق باذكروا.

الْمَشْعَرِ: مضاف إليه.

الْحَرامِ: صفة وجملة اذكروا جواب شرط غير جازم لا محل لها.

وَاذْكُرُوهُ: الواو عاطفة اذكروه فعل أمر وفاعل ومفعول به، والجملة معطوفة.

كَما: الكاف حرف جر ما مصدرية.

هَداكُمْ: فعل ماض ومفعول به والفاعل هو يعود إلى الله والمصدر المؤول في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان

بمحذوف في محل نصب مفعول مطلق أي: اذكروه ذكرًا حسنًا مماثلاً لهدايتكم.

وَإِنْ: الواو حالية إن مخففة من الثقيلة.

كُنْتُمْ: فعل ماض ناقص والتاء اسمها.

مِنْ قَبْلِهِ: متعلقان بمحذوف حال.

لَمِنَ: اللام هي الفارقة بين المخففة والنافية.

الضَّالِّينَ: اسم مجرور والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر كنتم وجملة إن كنتم في محل نصب حال.

جُناحٌ: أي حرج وإثم.

أَنْ تَبْتَغُوا: تطلبوا.

فَضْلًا: عطاء ورزقاً منه بالربح في التجارة أيام الحج.

أَفَضْتُمْ: أصله: أفضتم أنفسكم ودفعتموها، والمراد: الدفع منه بكثرة.

عَرَفاتٍ: موقف الحاج لأداء النسك، وسمي بذلك لأنَّ الناس يتعارفون فيه، وعرفة: اسم لليوم الذي يقف فيه الحاج بعرفات، وهو

التاسع من ذي الحجة.

فَاذْكُرُوا اللَّهَ: بعد المبيت بمزدلفة بالتلبية والتهليل والدعاء.

والذكر: الدعاء والتلبية والتكبير والتحميد.

الْمَشْعَرِ الْحَرامِ: هو جبل في آخر المزدلفة يقال له: قزح، وسمي بالمشعر، لأنه معلم للعبادة، والشعائر: العلامات

ووصف بالحرام لحرمته، فلا يفعل فيه ما نهي عنه.