الآية رقم (63) - لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ

﴿لَوْلَا﴾: دعوة لأن تفعل ذلك.

﴿الرَّبَّانِيُّونَ﴾: هم الّذين يدّعون بأنّهم ينتسبون للرّبّ.

﴿الْأَحْبَارُ﴾: هم علماء وسدنة الدّين اليهوديّ.

فإذاً لو كانوا يمنعونهم عن قول الإثم وأكلهم السّحت، فأيّ إنسانٍ يعمل بأيّ حقلٍ من الحقول يمكن أن تأخذ بقوله وبنظريّته كعالم الفيزياء والكيمياء والطّبيب والحرفيّ والتّاجر والمزارع والسّياسيّ دون أن تكون لك علاقةٌ بسلوكه، إلّا من يحمل العلم الدّينيّ فلا يجوز أن يقول لك:

خُذْ بِعِلْمِي ولا تركنْ إلى عَمَلي         واجْنِ الثِّمارَ وخَلِّ العُودَ لِلنَّارِ

هذا الكلام غير مقبول؛ لأنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ما كان يأمر بأمرٍ إلّا كان أوّل من يمتثل له، فالقضيّة قضيّة سلوكٍ لمن يحمل الرّسالة، إن كانوا أحباراً أو علماءَ، فلا يجوز أن يقول الدّاعي إلى الله سبحانه وتعالى ما لا يعمل، فالأحبار لم ينهوا اليهود عن أكل السّحت وارتكاب الإثم.

﴿لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾: المولى سبحانه وتعالى قال: ﴿يَصْنَعُونَ﴾ ولم يقل: (يعملون)، أو: (يقولون) أو: (يفعلون)، مع أنّه عندما ذكر المؤمنين قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصّفّ]، بينما هنا قال: ﴿يَصْنَعُونَ﴾؛ لأنّه ليس فقط عملهم بارتكاب السّوء وأكل السّحت، ولكن أيضاً بقولهم، فهم لم يكونوا ينهون عن هذا, فإذاً الصّنع يجمع بين العمل والقول؛ لذلك قال الله سبحانه وتعالى: ﴿لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾.

لَوْلا: أداة حض بمعنى هلا.

يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ: فعل مضارع والهاء مفعوله والربانيون فاعله

وَالْأَحْبارُ: عطف على ما قبله

عَنْ قَوْلِهِمُ: متعلقان بينهاهم

الْإِثْمَ: مفعول به للمصدر: قول

السُّحْتَ: مفعول به للمصدر أكل المعطوفة على قول قبلها.

لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ: كالآية السابقة.

عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ: الكذب

وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ: المال الحرام الدنيء كالرشوة في القضاء والربا وغير ذلك.