الآية رقم (92) - لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ

ومن عادة الأنفس الشّحّ والبخل، فإن كان لديك ثوبان، ثوب جديد وثوب بالٍ قديم، فعندما تُريد أن تُنفق هل تُنفق الجديد أو القديم؟! فإن أردت أن تتعامل مع الله سبحانه وتعالى فلن تنال البرّ حتّى تُنفق ممّا تُحبّ. ونرى شدّة تأثّر الصّحابة الكرام بكلام الله، فقد كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحبّ أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيّب. قال أنس: فلمّا أنزلت هذه الآية: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) قام أبو طلحة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، إنّ الله سبحانه وتعالى يقول: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)، وإنّ أحبّ أموالي إليّ بيرحاء، وإنّها صدقة لله أرجو برّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «بخ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعتُ ما قلت، وإنّي أرى أن تجعلها في الأقربين»، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسّمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمّه([3]). وهذا معنى كبير، عندما يكون في أقارب الإنسان ذوو حاجة فيتصدّق عليهم، فهذا أولى وأعظم أجراً.

(وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ): من شيء: مِن للتّبعيض، فأيّ صدقة مهما صغرت أو كبرت فإنّ الله بها عليم، وكفى به عليماً.

المهمّ في أعمالك أن تكون النّيّة خالصة لوجه الله، فأنت تعمل لله، وتُنفق في سبيل الله سبحانه وتعالى.

 


([1]) صحيح مسلم: كتاب الطّهارة، باب فضل الوضوء، الحديث رقم (223).
([2]) شعب الإيمان: باب في طاعة أولي الأمر، الحديث رقم (7445).
([3]) صحيح البخاريّ: كتاب الزّكاة، باب الزّكاة على الأقارب، الحديث رقم (1392).

لَنْ: حرف نصب

تَنالُوا: مضارع منصوب بحذف النون والواو فاعل

الْبِرَّ: مفعول به

حَتَّى: حرف غاية وجر

تُنْفِقُوا: المصدر المؤول من الفعل وأن المصدرية المضمرة بعد حتى في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بتنالوا

مِمَّا: الجار والمجرور متعلقان بتنفقوا

جملة «تُحِبُّونَ» صلة الموصول

وَما: الواو استئنافية ما اسم شرط جازم مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم

تُنْفِقُوا: فعل مضارع مجزوم بحذف النون وهو فعل الشرط والواو فاعل والجملة استئنافية

مِنْ شَيْءٍ: متعلقان بتنفقوا

فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ: الفاء رابطة لجواب الشرط وإن ولفظ الجلالة اسمها وعليم خبرها والجار والمجرور متعلقان بعليم، والجملة في محل جزم جواب الشرط

لَنْ تَنالُوا: لن تصيبوا وتجدوا.

الْبِرَّ: كلمة جامعة لوجوه الخير، والمراد بها هنا: لن تنالوا ثواب البر وهو الجنة.

تُنْفِقُوا: تصدّقوا.

مِمَّا تُحِبُّونَ: من أموالكم.

فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ: فيجازي عليه.