الآية رقم (117) - لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ

يقول الحقّ سبحانه وتعالى  بأنّه تاب على النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وعطف عليه المهاجرين والأنصار، فأيّ شيءٍ فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى يقول الله سبحانه وتعالى :﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ﴾: ؟ النّبيّ صلى اللله عليه وسلم يُراعي دائماً مصالح النّاس، فعندما جاء بعض المنافقين فاستأذنوه صلى الله عليه وسلم في التّخلّف عن الغزوة أذن لهم فقال سبحانه وتعالى :﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ﴾ ]التّوبة: من الآية 43[، مع أنّ الله سبحانه وتعالى قال: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾]التّوبة[، وبفطرته السّليمة: اتّخذ القرار الصّائب، فالمنافقون لن يزيدوا المؤمنين إلّا خبالاً إن خرجوا معهم، ولكنّ الحق سبحانه وتعالى  شاء ألّا يعفو عنهم، لذلك قال سبحانه وتعالى  هنا: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ﴾؛ لأنّه عفا عنهم وتركهم ينصرفون لَـمّا استأذنوه في عدم خروجهم إلى القتال، والنّبيّ : لا يُخطئ، فهو معصومٌ، لكنّه دائماً يُجهد نفسه في هداية النّاس، لذلك تأتي الآيات ألّا تُجهِد وتتعب نفسك معهم، فهؤلاء قد وقعوا في أمر الله سبحانه وتعالى .

﴿الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ﴾ : التّوبة كانت قريبةً من زيغ قلوب فريقٍ منهم، وجاء الحقّ لتغطية ظرف العسرة، ولذلك تنبّأ بالخواطر الّتي كانت في صدور الصّحابة الّذين راودتهم أنفسهم أن يرجعوا، وتاب الله سبحانه وتعالى  عليهم.

﴿ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾: الله سبحانه وتعالى  يفتح باب المغفرة والتّوبة دائماً.

«لَقَدْ»: اللام واقعة في جواب القسم المحذوف وقد حرف تحقيق.

«تابَ اللَّهُ»: ماض ولفظ الجلالة فاعله والجملة جواب قسم محذوف.

«عَلَى النَّبِيِّ»: متعلقان بتاب.

«الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ»: معطوف على ما سبق.

«الَّذِينَ»: اسم موصول صفة لما قبله.

«اتَّبَعُوهُ»: ماض وفاعله ومفعوله والجملة صلة.

«فِي ساعَةِ»: متعلقان باتبعوا.

«الْعُسْرَةِ»: مضاف إليه.

«مِنْ بَعْدِ»: متعلقان باتبعوا.

«ما»: نافية.

«كادَ»: ماض ناقص واسمه محذوف والجملة مضاف إليه.

«يَزِيغُ»: مضارع.

«قُلُوبُ»: فاعل.

«فَرِيقٍ»: مضاف إليه.

«مِنْهُمْ»: متعلقان بفريق.

«ثُمَّ»:عاطفة.

«تابَ»: ماض فاعله مستتر والجملة معطوفة.

«عَلَيْهِمْ»: متعلقان بتاب.

«إِنَّهُ»: إن واسمها والجملة مستأنفة.

«بِهِمْ»: متعلقان بالخبر.

«رَؤُفٌ رَحِيمٌ»: خبران لإنّ.

لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ: أدام توبته.

الْعُسْرَةِ: الشدة والضيق.

وساعَةِ الْعُسْرَةِ: وقتها، وهي حالهم في غزوة تبوك، كانوا في عسرة من الركائب والزاد، حتى قيل: إن الرجلين كانا يقتسمان تمرة، والعشرة تعتقب على بعير واحد، واشتد الحر حتى شربوا الفرث.

يَزِيغُ: يميل عن اتباع النبي إلى التخلف، لما هم فيه من الشدة.

ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ: بالثبات. وكرر للتأكيد والتنبيه على أنه تاب عليهم من أجل ما كابدوا من العسرة.

رَؤُفٌ رَحِيمٌ الرأفة: الرفق بالضعيف، والرحمة: السعي في إيصال المنفعة.