الآية رقم (286) - لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ

أجاب الله سبحانه وتعالى الدّعاء وجاءت هذه الآية وهي جواب على الّذي اعتقد بأنّ الله سبحانه وتعالى سيحاسبه على ما في نفسه وليس على فعله فقال سبحانه وتعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) طالما كلّفك إذاً هي بوسعك، وتستطيع أن تؤدّي أكثر من ذلك، بدليل أنّه كلّفك بخمس أوقات صلاة، أنت تستطيع أن تصلّي خمسين ركعة، لكنّه لم يكلّفك بخمسين، كلّفك بصيام شهر واحد وأنت تصوم اثنين وخميس بالإضافة للشّهر، وأحياناً تصوم شهرين، كلّفك اثنين ونصف بالمئة في شأن الزّكاة، وأنت قد تدفع عشرة.. إذاً هو كلّف ما في الوسع، فطالما أنّك وجدت أمراً تكليفيّاً إيمانيّاً أمر به المولى سبحانه وتعالى فاعلم أنّه بوسعك لماذا؟ لأنّه رخّص لك عندما لا يكون بوسعك فقال سبحانه وتعالى: (لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) [الفتح: من الآية 17]، وقال تعالى: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) [البقرة: من الآية 184]، وقال سبحانه وتعالى: (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [التّوبة]،  إذاً كلّ شيء بالتّكليف ضمن الوسع.

لا يُكَلِّفُ: لا نافية يكلف فعل مضارع

اللَّهُ: لفظ الجلالة فاعل

نَفْساً: مفعول به أول

إِلَّا: أداة حصر

وُسْعَها: مفعول به ثان، والجملة مستأنفة

لَها: متعلقان بمحذوف خبر

ما: اسم موصول مبتدأ مؤخر

جملة «كَسَبَتْ» صلة الموصول ومثلها «وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» والجملة الاسمية استئنافية.

رَبَّنا: منادى مضاف

لا تُؤاخِذْنا: فعل مضارع مجزوم بلا ونا مفعول به والفاعل أنت والجملة ابتدائية

إِنْ نَسِينا: إن شرطية جازمة نسينا فعل ماض ونا فاعل وهو فعل الشرط وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله.

أَوْ أَخْطَأْنا: عطف على نسينا

رَبَّنا: منادى بأداة نداء محذوفة

وَلا: الواو عاطفة ولا ناهية

تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً: مضارع مجزوم ومفعوله والفاعل مستتر والجار والمجرور متعلقان بتحمل

كَما: ما مصدرية والجار والمجرور متعلقان بتحمل

حَمَلْتَهُ: فعل ماض وفاعل ومفعول به وهو مع ما في تأويل مصدر في محل جر بالكاف متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق.

عَلَى الَّذِينَ: متعلقان بحملته

مِنْ قَبْلِنا: متعلقان بمحذوف صلة الموصول.

رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ: تحملنا مضارع مجزوم بلا ونا مفعول به ما اسم موصول مفعول به ثان لا نافية للجنس طاقة اسمها مبني على الفتح لنا وبه كلاهما متعلقان بمحذوف خبر لا.

وَاعْفُ: فعل دعاء مبني على حذف حرف العلة والفاعل أنت والجملة معطوفة.

عَنَّا: متعلقان بأعف

وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا: عطف على ما قبلهما.

أَنْتَ مَوْلانا: أنت ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ

مَوْلانا: خبر مرفوع بالضمة المقدرة، ونا مضاف إليه والجملة استئنافية

فَانْصُرْنا: الفاء عاطفة أو للتعليل انصرنا فعل دعاء ونا مفعول به.

عَلَى الْقَوْمِ: متعلقان بانصرنا «الْكافِرِينَ» صفة.

وُسْعَها: طاقتها: وهو ما تسعة قدرة الإنسان من غير حرج ولا عسر.

كَسَبَتْ: من الخير وثوابه

مَا اكْتَسَبَتْ: من الشر أي وزره، فلا يؤخذ أحد بذنب أحد، ولا بما لا يكسبه مما وسوست به نفسه

لا تُؤاخِذْنا: تعاقبنا

أَوْ أَخْطَأْنا: تركنا الصواب لا عن عمد كما آخذت به من قبلنا

إِصْراً: أمراً أو حملاً يثقل علينا حمله أو يشق تحمله

كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا: أي بني إسرائيل، من قتل النفس في التوبة، وإخراج ربع المال في الزكاة

وقرض موضع النجاسة.

ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ: أي ما لا قدرة لنا عليه من التكاليف والبلاء

فالتكليف بما يطاق: هو ما يمكن الإتيان به ولو بمشقة معتادة متحملة

والتكليف بما لا يطاق: هو ما لا يدخل في مكنة الإنسان وقدرته، بأن اقترن بمشقة زائدة غير معتادة.

وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا: الرحمة أمر زائد على المغفرة

مَوْلانا: مالكنا وسيدنا ومتولي أمورنا.