الآية رقم (185) - كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ

هذه الآية العظيمة هي قانون إلهيّ عامّ لا يتخلّف عنه أحدٌ من البشر، لا الرّسل ولا الأنبياء عليهم السلام ولا الخلق أجمعون، والله سبحانه وتعالى خاطب أشرف خلقه بقوله: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ[الزّمر]،  ونحن نعلم أنّ الله تبارك وتعالى قال في كتابه الكريم: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ[الرّحمن]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً﴾ [آل عمران: من الآية 145]،  فهذه الآية الكريمة تطرح هذا القانون العامّ الّذي ما استطاعت البشريّة حتّى هذه اللّحظة ولن تستطيع حتّى يرث الله سبحانه وتعالى الأرض ومن عليها أن تؤخّر الموت لحظة عن إنسان قد جاء أجله، ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف].

كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ: مبتدأ وخبر ونفس مضاف إليه ومثلها الموت

وَإِنَّما: الواو عاطفة إنما كافة ومكفوفة

تُوَفَّوْنَ: فعل مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل وهو المفعول الأول

أُجُورَكُمْ: مفعول به ثان

يَوْمَ: ظرف متعلق بالفعل قبله

الْقِيامَةِ: مضاف إليه

فَمَنْ: الفاء استئنافية من اسم شرط جازم مبتدأ

زُحْزِحَ: فعل ماض مبني للمجهول ونائب فاعله هو وهو في محل جزم فعل الشرط وتعلق به الجار والمجرور «عَنِ النَّارِ» .

وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ: عطف على زحزح فعل ماض مبني للمجهول ومفعول به ثان ونائب الفاعل ضمير مستتر وهو المفعول الأول

فَقَدْ فازَ: الجملة في محل جزم جواب الشرط وفعل الشرط وجوابه خبر المبتدأ من

وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ: ما نافية، الحياة مبتدأ ومتاع خبر الدنيا صفة الحياة إلا أداة حصر.

الْغُرُورِ: مضاف إليه والجملة مستأنفة.

كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ: أي أن الموت مصير كل نفس ونهاية كل حي، ولا يبقى إلا وجهه الكريم

تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ: تعطون جزاء أعمالكم وافياً غير منقوص.

ووجه اتصال هذه الجملة بما قبلها: أن كلكم تموتون، ولا بد لكم من الموت، ولا توفون أجوركم على طاعاتكم ومعاصيكم عقيب

موتكم، وإنما توفونها يوم قيامكم من قبوركم

والتوفية: تكميل الأجور، وما يكون قبل ذلك في القبر من روضة أو نعمة فبعض الأجور.

فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ: نحّي عنها وأبعد

والزحزحة: التنحية والإبعاد.

فَقَدْ فازَ: نال غاية مطلوبة، وسعد ونجا أي تحقق له الفوز المطلق المتناول لكل ما يفاز به، ولا غاية للفوز وراء النجاة من سخط

الله، والعذاب السرمد، ونيل رضوان الله والنعيم المخلد.

وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا: أي العيش فيها

إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ: المتاع: ما يتمتع وينتفع به مما يباع ويشترى

الغرور: مصدر غره أي خدعه، والغرور: الخداع والغش، أي أنَّ الدنيا مثل المتاع المشترى بسبب التغرير والغش والخداع ثم يتبين له

فساده ورداءته.