وقد أحلّ النّبيّ محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم أكل الأنعام، فقال له اليهود: لا، بل يَحرُم أكلها، فكان الرّدّ عليهم: ﴿قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾، فحاججهم بالتّوراة، بأنّ هذه الأنعام كانت حلّاً لبني إسرائيل، ﴿إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ فهذا التّحريم هو نذر نذره سيّدنا يعقوب عليه السلام.
والحِلُّ: مرادف الحلال، فإسرائيل (يعقوب عليه السلام) حرّم على نفسه نذراً، ولكنّه لا يستطيع أن يُحرّم على غيره، فالذي يُحلّل ويُحرِّم هو الله سبحانه وتعالى.
﴿مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ﴾: فالتّوراة أُنزلت بعد سيّدنا يعقوب (إسرائيل) بزمن بعيد، هناك قرون متطاولة من الزّمن، فالتّوراة أُنزلت على سيّدنا موسى، وليس على سيّدنا يعقوب، ففي أيّام (إسرائيل) لم يكن هناك توراة ولا يهوديّة.
والقرآن الكريم عندنا هو مصدر الصّدق، ﴿قُلْ صَدَقَ اللّهُ﴾ [آل عمران: من الآية 95]، فنطابق الأمور على ما جاء في القرآن الكريم؛ لأنّنا نؤمن أنّه من عند الله سبحانه وتعالى، لكنّنا عندما نناقش من لا يؤمن بالقرآن، لا نستطيع أن نقول له: هكذا وجدناه في القرآن الكريم، بل لا بُدّ من الحقائق العلميّة والتّاريخيّة أيضاً لإثبات صحّة ما نقول، فقد بيّن لهم القرآن الكريم أنّ ما حرّم إسرائيل أي (يعقوب عليه السلام) على نفسه ليس له علاقة بهم؛ لأنّه كان قبل نزول التّوراة، لذلك طلب منهم أن يأتوا بالتّوراة، ويتلوها ليثبتوا صدق دعواهم في أنّه حُرِّم عليهم، لكنّهم رفضوا؛ لأنّهم كاذبون، فهم لا يجدون ذلك في كتبهم.