الآية رقم (63) - قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ

﴿قُلْ مَن يُنَجِّيكُم﴾: ذكرت سابقاً بأنّ الإنسان عندما يفقد الأسباب، ويقع في ضيقٍ، فإنّه يلجأ بشكلٍ فطريٍّ وليس بشكلٍ عقائديٍّ دينيٍّ إلى كلمة يا ربّ، هذه الفطرة مركوزة في الإنسان، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف]، فالإيمان مركوزٌ في النّفس البشريّة.

﴿مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾: هناك ظلماتٌ متعدّدةٌ، قد تكون ظلمة الظّلام، وقد تكون ظلمة الجهل، وقد تكون ظلمة الظُّلم.

﴿تَدْعُونَهُ﴾: الدّعاء هو طلب من الأدنى إلى الأعلى، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر]، طلب الله سبحانه وتعالى منّا الدّعاء، وتكفّل هو بالإجابة.

﴿تَضَرُّعاً﴾: أي في خشوعٍ وخُفيةٍ.

قُلْ: الجملة مستأنفة

مَنْ: اسم استفهام في محل رفع مبتدأ

يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ: مضارع مرفوع بالضمة المقدرة، تعلق به الجار والمجرور، والكاف مفعوله، وفاعله ضمير مستتر تقديره هو والجملة مقول القول

الْبَرِّ: مضاف إليه

وَالْبَحْرِ: معطوف،

تَدْعُونَهُ: فعل مضارع والواو فاعله والهاء مفعوله

تَضَرُّعاً: حال منصوبة

وَخُفْيَةً: عطف والجملة في محل نصب حال.

لَئِنْ أَنْجانا: اللام موطئة للقسم،

إن: حرف شرط جازم

أَنْجانا: فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة، ونا ضمير متصل في محل نصب مفعول به وهو في محل جزم فعل الشرط. والجملة مقول لقول محذوف تقديره: تدعونه وتقولون: لئن أنجانا ويمكن أن تكون ابتدائية لأنها جملة الشرط.

مِنْ هذِهِ: اسم إشارة في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما

لَنَكُونَنَّ: اللام واقعة في جواب القسم نكونن فعل مضارع ناقص مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد، واسمها ضمير مستتر تقديره نحن.

مِنَ الشَّاكِرِينَ: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبرها، والجملة لا محل لها جواب القسم، وقد حذف جواب الشرط إن، لدلالة جواب القسم عليه حسب القاعدة: إذا اجتمع قسم وشرط فالجواب للسابق.

ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ: الحسية كظلمة الليل والغيوم والمطر وما يصحبها من أخطار كالعواصف والأعاصير وهياج البحار، والمعنوية كظلمة الجهل بالطرق، وفقد الدلائل، والمراد أهوالهما ومخاوفهما في أسفاركم.

تَضَرُّعاً: علانية ومبالغة في الضراعة: وهي الذل والخضوع، والمراد: ما صدر عن الحاجة الشديدة والإخلاص.

وَخُفْيَةً: خفاء وسراً.

مِنْ هذِهِ الظلمات: والشدائد.

الشَّاكِرِينَ: نعمة الله مع الانضمام لصف المؤمنين.