الآية رقم (11) - قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ

يطلب المولى سبحانه وتعالى منّا الاعتبار، والمحاكمة العقليّة، والحجّة، والبرهان، والدّليل، فقال جلَّ جلاله: ﴿قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ﴾: انظروا: أي تفكّروا.

﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾: لننظر إلى المكذّبين عبر كلّ التّاريخ كيف كانت عاقبتهم، ﴿قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾، اقرؤوا كلّ التّاريخ، وانظروا وادرسوا واعقلوا واعلموا.

ولنتأمّل دّقّة الآية من النّاحية العلميّة أيضاً: ﴿قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ﴾: فلو أنّها من عند غير الله سبحانه وتعالى لكانت: (سيروا على الأرض)؛ لأنّك تسير على الأرض، ولن يقول أحدٌ: سيروا في الأرض، لكنّ طبقة الغلاف الجويّ هي جزءٌ لا يتجزّأ من الأرض، تدور وتتحرّك معها، وأنت تتنّفس من خلالها، لذلك فأنت تسير في الأرض لا على الأرض؛ لأنّك لو تسير على الأرض فمعناه أنّك تسير فوق الغلاف الجوّيّ. والقرآن الكريم يأتي بها بكلّ دقّةٍ علميّةٍ، بحيث يستطيع العقل البشريّ استيعابها، وعندما يتطوّر العقل البشريّ يعلم بأنّ هذا كلام الله سبحانه وتعالى، كلام العليم الحكيم الخبير الرّحيم الرّؤوف التّوّاب الحكيم، الّذي لا يقول كلمةً إلّا وتكون هذه الكلمة دقيقة في العلم الّذي لم نصل إليه بعد، وسيأتي زمانٌ يصل فيه علماؤه إلى ما لم نصل إليه.

قُلْ: الجملة مستأنفة

سِيرُوا فِي الْأَرْضِ: فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، وكذلك (ثُمَّ انْظُرُوا)

وجملة (سيروا): مقول القول

وجملة (انظروا): معطوفة

كَيْفَ: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب خبر مقدم للفعل كان.

و عاقِبَةُ: اسمها.

الْمُكَذِّبِينَ: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه جمع مذكر.

وجملة (كَيْفَ كانَ): في محل نصب مفعول به للفعل انظروا.

عاقِبَةُ: مصير أو آخر الأمر، مثل قوله تعالى: (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) [فاطر 35/ 43] والحيق: ما ألم بالإنسان من مكر أو سوء يعمله.