﴿قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي﴾: البيّنة هي المنهج: افعل ولا تفعل، هذا حلالٌ وهذا حرامٌ، هذا يصحّ وهذا لا يصحّ، الّذي لا يريد المنهج هو الّذي لا يريد القيود، يريد أن يتفلّت من القيود.
﴿وَكَذَّبْتُم بِهِ﴾: وأنتم كّذبتم بهذا المنهج، وعندما كذّبتم بهذا المنهج قلتم: هو ليس من عند الله سبحانه وتعالى، وقلتم: لن نطبّق هذا المنهج الّذي جئت به يا محمّد، وتقولون: لو كان صحيحاً ما عند ربّك من عذابٍ فليأتنا بالعذاب، إذاً كانوا يستعجلون بالعذاب، لذلك قال سبحانه وتعالى:
﴿مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ﴾: انظر إلى صدق النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، يقول لهم: لا أستطيع أن آتيكم بالعذاب عندما أريد، لماذا؟ لأنّ الله سبحانه وتعالى قال: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ﴾، فالّذي يحكم في هذا الأمر هو الله سبحانه وتعالى، قال جلّ وعلا: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ (21) لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ (22) إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (24) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ﴾ [الغاشية]، هم تمادوا في الكفر، الاستعجال مأخوذٌ من العجلة وهي السّرعة إلى الغاية في طلب الحدث قبل زمنه، فالنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول لهم: هناك عذابٌ في الآخرة لمن يكفر بالله سبحانه وتعالى، فيقولون: ائتنا بالعذاب الآن، فيجيبهم النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ﴿مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ﴾، وهو الّذي يفصل بين النّاس يوم القيامة، ويفصل بين الحقّ والباطل.