يدلّل المولى سبحانه وتعالى على ما جرى في غزوة بدر، وهي أوّل صدام مسلّح يحدث بين معسكر الإيمان ومعسكر الشّرك والكفر والضّلال الّذي كان يقوده أبو جهل وأبو سفيان، وكان النّبيّ في معركة بدر لا يوجد معه أكثر من ثلاث مئة رجل، وكيف أنّ هذه الفئة القليلة الّتي استنفرها النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم لإعادة جزء من أموالهم وتجارتهم الّتي سرقها المشركون عندما أخرجوهم من ديارهم بغير حقّ، عندها كان الأمر السّببيّ والأمر الطّبيعيّ أن تغلب الكثرةُ القلّة، حيث كان عدد المشركين ثلاثة أضعاف المسلمين، والعتاد والسّلاح الّذي بيد المشركين أكثر بكثير من عتاد المسلمين، فالله سبحانه وتعالى يعطي دليلاً بما جرى في تلك الواقعة الّتي فرّقت بين الحقّ والباطل:
(قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ): ومعنى الآية هنا الأمر العجيب.
(فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ): القتال في سبيل الله حدّد رسول الله معناه، وهو الدّفاع عن العرض والأهل والمال والوطن من الاعتداء.
(وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ): تتمّة الجملة يجب أن تكون: (وأخرى كافرة تقاتل في سبيل الشّيطان) لكن حُذفت هنا وهذا في اللّغة يسمّى احتباك، وهو أن لا تذكر في الثّانية ضدّ ما ذكر في الأولى، ولكنّها تُفهم من السّياق، والفئة الّتي كانت من مشركي قريش والّتي تقاتل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، طبعاً هي تقاتل في سبيل الشّيطان.