﴿قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ﴾: اطَّـيَّر: استعمل الطّير، وهذه عمليّة كانوا يلجؤون إليها عند قضاء مصالحهم أو عند سفرهم مثلاً، فكان الواحد منهم يُمسك بالطّائر ثمّ يرسله، فإنْ طار ناحية اليمين تفاءل وأقبل على العمل، وإنْ طار ناحية الشّمال تشاءم، وامتنع عمّا هو قادم عليه، يُسمُّونها السّانحات والبارحات، فالمعنى: تشاءمنا منك، وممَّنْ اتّبعك.
﴿قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ﴾: يعني: قضاء مقضيٌّ عليكم، وليس للطّير دَخْل في أقداركم، وما يجري عليكم من أحكام، فكيف تأخذون من حركته مُنطلقاً لحركتكم؟ إنّما طائركم وما يُقدَّر لكم من عند الله عزَّ وجلَّ قضاء يقضيه، وفي آية سورة يس: ﴿قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ﴾[يس: من الآية 19]، يعني تشاؤمكم هو كفركم الّذي تمسّكتم به، لكن، لماذا جاء التّشاؤم هنا، ونبيّهم يدعوهم إلى الله تعالى؟ قالوا: لأنّه بمجرّد أنْ جاءهم عارضوه، فأصابهم قحْط شديد، وضنَّتْ عليهم السّماء بالمطر، فقالوا: هو الّذي جَرَّ علينا القَحْط والخراب.
﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾: الفتنة: بمعنى الاختبار والابتلاء.