الآية رقم (23) - قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ

اعترفا بذنبهما فدخلا باب التّوبة، وكأنّه تدريبٌ على أنّه يوجد أوامر ونواهٍ وحلالٌ وحرامٌ وخطأٌ وصوابٌ، وباب التّوبة مفتوحٌ، فمن أراد أن يتوب ويعود ويصلح فكأنّه لا ذنب له.

﴿قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا﴾: اعترفا أنّهما ظلما أنفسهما كليهما.

﴿وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا﴾: تغفر لنا ما أخطأنا وما أذنبنا.

﴿وَتَرْحَمْنَا﴾: ينجو الإنسان برحمة الله سبحانه وتعالى وليس فقط بمغفرة الذّنوب.

﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾: اعترف آدم وحوّاء مباشرةً بالمعصية، واعترفا بالذّنب وتابا منه، فالله سبحانه وتعالى علّمهما الحلال وعلّمهما الحرام وعلّمهما التّوبة.

ما هو الفارق بين معصية إبليس وبين معصية آدم وحوّاء؟ ولماذا قَبِل الله سبحانه وتعالى من آدم وحواء وفتح لهما باب التّوبة ولم يقبل من إبليس ولم يفتح له باب التّوبة؟ الجواب: لأنّ إبليس لـمّا عصى أبى واستكبر على الله سبحانه وتعالى قائلاً: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ [ص: من الآية 76]، قارن بينه وبين آدم، وردّ الحكم على الله سبحانه وتعالى، أمّا آدم وحوّاء فاعترفا بذنبهما وقالا مباشرةً: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا﴾، فأبواب التّوبة تفتح للمعترف بذنبه.

قالا: فعل ماض وفاعل.

رَبَّنا: منادى مضاف منصوب.

ظَلَمْنا أَنْفُسَنا: فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة مقول القول.

وَإِنْ: شرطية والواو عاطفة.

لَمْ: جازمة

تَغْفِرْ: مضارع مجزوم وهو فعل الشرط.

وَتَرْحَمْنا: عطف

لَنَكُونَنَّ: اللام واقعة في جواب الشرط. نكونن فعل مضارع ناقص مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة واسمها ضمير مستتر تقديره نحن

مِنَ الْخاسِرِينَ: متعلقان بمحذوف خبرها والجملة لا محل لها جواب شرط لم يقترن بالفاء … وقد أغنى جواب الشرط عن جواب القسم. ويجوز أن تعرب جملة لنكونن جواب القسم واللام لام القسم وقد أغنى عن جواب الشرط.

قالا ربنا ظلمنا أنفسنا: قال: آدم وحواء لربهما: يا ربنا، فعلنا بأنفسنا من الإساءة إليها بمعصيتك وخلاف أمرك وبطاعتنا عدوَّنا وعدوَّك, فيما لم يكن لنا أن نطيعه فيه، من أكل الشجرة التي نهيتنا عن أكلها

وإن لم تغفر لنا: وإن أنت لم تستر علينا ذنبنا فتغطيه علينا، وتترك فضيحتنا به بعقوبتك إيانا عليه

وترحمنا: بتعطفك علينا وتركك أخذنا به

لنكونن من الخاسرين: لنكونن من الهالكين.