الآية رقم (88) - فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً

هذه الآية جاءت بعد التّذكير بالحساب ويوم القيامة؛ لأنّ هناك فئةً خطرةً جدّاً في المجتمع هي فئة المنافقين، وهي أخطر الفئات على بنيان المجتمع، وذكرنا سابقاً عندما مرّت آيات النّفاق أنّ القرآن الكريم في معظم الآيات يأتي بحديثٍ عن المنافقين لتنبيه المؤمنين وتنبيه المجتمعات من خطر النّفاق؛ لأنّ المنافق عدوٌّ باطنٌ وليس عدوّاً ظاهراً للإنسان، وهو المخرّب والمفسد الأساسيّ في المجتمع، والإنسان الظّاهر الّذي يبدي ما يكتم يمكن التّعامل معه، أمّا الّذي يغيّر من جلده ولونه ومواقفه ومبادئه فهذا لا يمكن التّعامل معه؛ لأنّهم كما قال تبارك وتعالى: ﴿مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء﴾ [النّساء: من الآية 143].

﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ﴾: قضيّةٌ استفهاميّةٌ، وهنا إنكارٌ وتوبيخٌ، كانت هذه القضيّة تتعلّق بالمجتمع في المدينة المنوّرة، بعضهم قال: نسايرهم، وبعضهم قال غير ذلك، كما نرى في كلّ زمانٍ، فالله سبحانه وتعالى يقول:

﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ﴾: أي يجب أن تكونوا فئةً واحدةً على رأيٍ واحدٍ تجاه المنافقين، ولا يجوز أبداً أن يقف المجتمع مكتوف الأيدي أمامهم، بل يجب عليه محاربة النّفاق وإظهاره، وألّا يكون فيه فئتان، فئةٌ تُسايرهم وفئةٌ لا تسايرهم، ويجب أن يكون الكلّ بصوتٍ واحدٍ ضدّ النّفاق في المجتمع.

فَما لَكُمْ: ما اسم استفهام مبتدأ والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبره

فِي الْمُنافِقِينَ: متعلقان بفئتين وأعربها بعضهم خبرا لكان محذوفة والتقدير: فما لكم في المنافقين كنتم فئتين

فِئَتَيْنِ: حال منصوبة بالياء لأنه مثنى

وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ: لفظ الجلالة مبتدأ وجملة أركسهم الخبر

بِما كَسَبُوا: المصدر المؤول في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلقان بأركسهم أو ما موصولة

أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا: فعل مضارع والواو فاعله والمصدر المؤول مفعوله أي: هداية.

مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ: اسم موصول مفعول به والجملة بعده صلته

وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ: من اسم شرط جازم مبتدأ وفعل الشرط ولفظ الجلالة فاعله وجملة ومن.. استئنافية

فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا: مضارع منصوب ومفعوله والجار والمجرور متعلقان بحال من سبيلا والجملة في محل جزم جواب الشرط

سَبِيلًا: مفعول به.

فِئَتَيْنِ: فرقتين أو جماعتين

أَرْكَسَهُمْ: ردهم إلى الكفر والقتال. والمراد هنا تحولهم إلى الغدر والقتال، بعد أن أظهروا الولاء للمسلمين.

أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ: أي تعدوهم من جملة المهتدين.

سَبِيلًا: طريقاً إلى الهدى.