الآية رقم (74) - فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا

جاءت هذه الآيات في سورة (النّساء) بعد الحديث عن النّفاق وما يتعلّق بحركة النّفاق في مجتمع المدينة المنوّرة، وماذا فعل اليهود مع رسول الله عليه الصّلاة والسّلام وكيف تحالفوا مع قريش والقبائل العربيّة.

وكان النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم في مكّة مضطهداً محاصراً ممنوعاً من تبليغ الدّعوة، وعندما هاجر إلى المدينة المنوّرة وبعد أن أُخذت وسُلبت الأموال والدّور وهُجّروا من بلدهم وديارهم، فإنّ الله سبحانه وتعالى أذن لهم بالقتال والدّفاع عن وطنهم وأعراضهم وأموالهم وأرضهم فقال: ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ﴾: يشري تختلف بالمعنى عن يشتري، يشري تأخذ معنى البيع وتأخذ معنى الشّراء، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ [يوسف]، أي باعوه بثمنٍ بخسٍ. فالّذي يُقاتل في سبيل الله سبحانه وتعالى؛ أي أنّه يُقاتل في سبيل وطنه وأرضه وعرضه؛ لأنّ الإسلام لم يأت من أجل فرض الدّين، وإنّما جاء لحماية حريّة اختيار الدّين.

﴿الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ﴾: يبيعون الدّنيا من أجل الحصول على جنّات ونعيم الآخرة.

﴿وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾: إذا استُشهد في سبيل الله سبحانه وتعالى فسيكون منعّماً عنده، هذه البشرى للشّهداء الّذين يدافعون عن أرضهم ووطنهم وعرضهم وحقوقهم، فالمقاتل في سبيل الله تعالى أمامه أحد احتمالين: إمّا أن يستشهد، وإمّا أن ينصره الله سبحانه وتعالى، لذلك يؤتيه عزَّ وجلأجراً عظيماً.

فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ: فعل مضارع مجزوم تعلق به الجار والمجرور واسم الموصول فاعله والجملة مستأنفة

يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ: فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور وفاعله ومفعوله الدنيا صفة والجملة صلة الموصول

وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: فعل الشرط مجزوم تعلق به الجار والمجرور ومن اسم شرط مبتدأ الله لفظ الجلالة مضاف إليه

فَيُقْتَلْ: مضارع مبني للمجهول معطوف على يقاتل

أَوْ يَغْلِبْ: عطف.

فَسَوْفَ: حرف استقبال والفاء رابطة لجواب الشرط

نُؤْتِيهِ أَجْراً: مضارع ومفعولاه وفاعله نحن «عَظِيماً» صفة والجملة في محل جزم جواب الشرط.

فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: لإعلاء دينه، وسبيل الله: تأييد الحق ونصرته، بإعلاء كلمة الله ونشر دعوته.

الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ: أي يبيعونها ويأخذون بدلها نعيم الآخرة وثوابها.

فَيُقْتَلْ: يستشهد.

أَوْ يَغْلِبْ: يظفر بعدوه.

أَجْراً عَظِيماً: ثوابًا جزيلًا.