الآية رقم (3) - فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ

فيها إشارةٌ إلى أنّ إهلاك أبرهة وجيشه كان لحماية بيت الله جلَّ جلاله، تبع ذلك تأليف قريش، وإلفهم لرحلة الشّتاء والصّيف، وتوفّر لهم بذلك الرّزق الّذي لا جوع معه، والأمن الذي لا خوف معه.

﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ﴾: لأنّهم يدينون لربّ هذا البيت وللبيت، وجب عليهم ردّ الجميل وعبادة الله ربّ هذا البيت الّذي كان سبباً في أمنهم وسعادتهم.

﴿فَلْيَعْبُدُوا﴾: العبادة تطلق على معانٍ عدّةٍ، فكلّ سياقٍ للعبادة له معنىً، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذّاريات]، العبادة تكون في مناحي الحياة كلّها، فالعامل في مصنعه إذا أتقن فهو في عبادةٍ، والفلاح في حقله إذا أتقن فهو في عبادةٍ، والموظّف في وظيفته إذا أخلص في عمله فهو في عبادةٍ؛ لأنّ العبادات ليست فقط الصّوم والصّلاة والحجّ والزّكاة، فهذه أركان الإسلام، فالنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «بُني الإسلامُ على خمس: شهادة أنْ لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله، وإقامِ الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، والحجّ، وصوم رمضان»([1])، أمّا الإسلام فهو كلّ ما أمر الله سبحانه وتعالى  به ونهى عنه، فالعبادة تكون في كلّ شيءٍ نافعٍ يعود على الإنسان وعلى مجتمعه ووطنه والإنسانيّة جمعاء، وهذه هي العبادة الّتي يأمر بها الله سبحانه وتعالى في قوله: ﴿فَلْيَعْبُدُوا﴾.

 


(([1] صحيح البخاريّ: كتاب الإيمان، باب الإيمان وقول النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «بني الإسلام على خمس»، الحديث رقم (8).

فَلْيَعْبُدُوا: الفاء الفصيحة ومضارع مجزوم باللام والواو فاعله

ربَّ هذَا: مفعول به مضاف إلى اسم الإشارة

الْبَيْتِ: بدل من اسم الإشارة والجملة جواب شرط مقدر لا محل لها.

 

بَيْتِ: الكعبة