الآية رقم (52) - فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ

عندما عرف أنّهم كفروا بما جاء به رغم كلّ الآيات الدّالّة على صدقه، قال: من ينصرني منكم لله؟

(قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ): الحواريّون: هم من ناصروا الله وناصروا السّيّد المسيح عليه السلام، والمعنى اللّغويّ: وجههم نضر أبيض من نور الإيمان.

(آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ): إيماننا بالله سبحانه وتعالى دليل على أنّنا أنصاره، ونتّبع أوامره أي آمنّا بالله، وطلبوا من عيسى عليه السلام أن يشهد عليهم بأنّهم مسلمون.

كلّ الأديان الّتي جاءت من لدن آدم إلى خاتم الأنبياء والرّسل هي دين الإسلام، أمّا الشّريعة الإسلاميّة فهي الّتي جاءت بالقرآن الكريم وعلى يدي النّبيّ محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم، والدّليل هذه الآية الّتي تقول: (وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) فنحن أمام وحدة المواكب الإيمانيّة، ولكن قد يقول قائل: طالما أنّ الكتب السّماويّة تأتي بنفس الأمور المتعلّقة بالجنّة والنّار والحساب والعقاب والقصص والتّاريخ، فلماذا هناك إنجيل وتوراة وقرآن وزبور وصحف إبراهيم؟ لماذا لا تكون كتاباً واحداً؟ الجواب: أنّه في كلّ فترة زمنيّة يتطوّر العقل البشريّ، وتختلف مساحة الزّمن والمكان والبيئة بالنّسبة لدعوة الأنبياء، فتختلف الشّرائع، فلا بدّ من شريعة تواكب التّطوّر حتّى تأتي الشّريعة الخاتمة الّتي تستوعب كلّ الزّمان والمكان، والّتي تشمل كلّ الرّسالات والأنبياء، كالقرآن الكريم الّذي ختم الله سبحانه وتعالى به الكتب السّماويّة، إذاً الأحكام المتعلّقة بالبشر هي الّتي تختلف من رسالة إلى أخرى، أمّا العقيدة والإخبار والبيان من الله تبارك وتعالى فيما يتعلّق بالأنبياء الّذين سبقوا، أو بالأحداث الّتي سبقت فكلّها واحدة

فَلَمَّا: الفاء استئنافية لما ظرفية شرطية

أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ: فعل ماض وفاعل ومفعول به والجار والمجرور منهم متعلقان بأحس أو بحال من الكفر والجملة في محل جر بالإضافة.

قالَ: الجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم

مَنْ: مبتدأ

أَنْصارِي: خبر مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم، والياء في محل جر بالإضافة

إِلَى اللَّهِ: لفظ الجلالة مجرور بإلى متعلقان بأنصاري والجملة مقول القول

قالَ الْحَوارِيُّونَ: فعل ماض وفاعل والجملة مستأنفة

نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ: مبتدأ وخبر ولفظ الجلالة مضاف إليه والجملة مقول القول

آمَنَّا بِاللَّهِ: فعل ماض وفاعل ولفظ الجلالة مجرور بالباء والجار والمجرور متعلقان بآمنا، والجملة مستأنفة أو خبر ثان لنحن أو حالية.

وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ: الواو استئنافية أو عاطفة أشهد فعل أمر والفاعل أنت بأنا مسلمون الباء حرف جر وأن واسمها وخبرها مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والمصدر المؤول من أن واسمها وخبرها في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بأشهد. وجملة اشهد مستأنفة.

أَحَسَّ: علم علماً لا شبهة فيه، كعلم ما يدرك بالحواس, واستعمالها في إدراك الأمور المعنوية مجاز

مَنْ أَنْصارِي: أعواني

إِلَى اللَّهِ: أي مع الله، فإلى بمعنى مع، أو من أعواني في السبيل إلى الله لأنه دعاهم إلى الله عز وجل، أو من يضم نصرته إلى

نصرة الله عز وجل.

قالَ الْحَوارِيُّونَ: واحدهم حواري، وحواري الرجل: صفيّه وناصره

فالحواريون: هم أصحاب عيسى وأنصاره وأصفياؤه.

والحور: البياض الخالص، وصفوا به لبياض قلوبهم وصفاء سريرتهم .

نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ: أعوان دينه، وهم أول من آمن به، وكانوا اثني عشر رجلاً.

بِأَنَّا مُسْلِمُونَ: منقادون لما تريده منا