الآية رقم (79) - فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ

﴿فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ﴾: تركهم.

﴿وَقَالَ يَا قَوْمِ﴾: كيف يخاطبهم وقد هلكوا؟! جاء في البخاريّ: اطّلع النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم على أهل القليب فقال: «وجدتم ما وعد ربّكم حقاً؟»، فقيل له: تدعو أمواتاً؟ فقال: «ما أنتم بأسمع منهم ولكن لا يجيبون»([1])، فبعد أن تولّى عنهم صالحٌ عليه السَّلام التفت عليهم وكانوا جاثمين كلّهم من الرّجفة فقال: ﴿لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ﴾: لماذا جاءت هنا: ﴿رِسَالَةَ﴾ بالإفراد، بينما باقي الرّسل قالوا: ﴿رِسَالاتِ﴾ ؟ الجواب؛ لأنّ الرّسالة الواحدة تشمل الرّسالات كلّها، لقد أبلغتكم رسالة ربّي. وهنا انتهى المقطع وستأتي مقاطع أخرى في سورٍ أخرى تتعلّق بصالح عليه السَّلام والنّاقة والرّجفة، وبأصحاب الحِجر أي قبيلة ثمود، الّذين قال عنهم سبحانه وتعالى: ﴿كَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ﴾  [الحجر]، فهذه الأمور بقيت شاهدةً عليهم وعلى التّطوّر الحضاريّ والعمرانيّ الّذي كان في ذلك الوقت.


([1]) صحيح البخاريّ: كتاب الجنائز، باب ما جاء في عذاب القبر، الحديث رقم (1304).

فَتَوَلَّى: فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف، تعلق به الجار والمجرور بعده، والجملة معطوفة.

يا قَوْمِ: منادى منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة تخفيفا.

لَقَدْ: اللام واقعة في جواب القسم المقدر والله لقد أبلغتكم، قد حرف تحقيق.

أَبْلَغْتُكُمْ: فعل ماض مبني على السكون، والتاء فاعله والكاف مفعوله الأول

رِسالَةَ: مفعوله الثاني.

رَبِّي: مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم، والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، والجملة لا محل لها لأنها جواب القسم المقدر.

(يا قوم لقد أبلغتكم): مقول القول.

(نَصَحْتُ لكم): معطوفة.

وَلكِنْ: حرف استدراك.

لا تُحِبُّونَ: مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعله، ولا نافية لا عمل لها.

النَّاصِحِينَ: مفعول به منصوب بالياء، والجملة معطوفة.

فتولى عنهم: صالح وقال لقومه ثمود

لقد أبلغتكم رسالة ربي: وأدّيت إليكم ما أمرني بأدائه إليكم ربّي من أمره ونهيه (

ونصحت لكم: في أدائي رسالة الله إليكم ، في تحذيركم بأسه بإقامتكم على كفركم به وعبادتكم الأوثان

ولكن لا تحبون الناصحين: لكم في الله، الناهين لكم عن اتباع أهوائكم، الصادِّين لكم عن شهوات أنفسكم.