الآية رقم (159) - فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ

إذاً فبما رحمة: بأيّ فبرحمةٍ أودعت في قلبك يا محمّد لنت لهم؟! و(ما) هنا زائدة، هذا الموقف، موقف أُحُد، وقد خالفه الرّماة وانشقّ ثلث الجيش وهو يدعوهم في أُخراهم… إلخ، في كلّ هذه الأمور ورغم ذلك: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ، فالنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم أرقّ النّاس قلباً، وألين النّاس كلاماً، وأحسن النّاس معاملةً، كان صلَّى الله عليه وسلَّم يجلس حيث ينتهي به المجلس، ولا يرفع يده حتّى يرفع الآخر عندما يصافحه، ولا يقبل من أحد أن يقبّل يديه، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا تطروني كما أُطري عيسى بن مريم، وقولوا عبد الله ورسوله»([2])، وقد أتى النّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجلٌ فكلّمه فجعل ترعد فرائصه، فقال له النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «هوِّن عليك، فإنّي لست بملك، إنّما أنا ابن امرأة تأكل القديد»([3])، هذا هو النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام، ثمّ يأتي مَن يُحاول أن يُصوِّر الإسلام على أنّه الإرهاب والإجرام والحقد والكراهيّة وإلغاء الآخر والقتل، كيف تكون مسلماً ولست على هدي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، والله سبحانه وتعالى يقول لك: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا[الأحزاب] ؟ فلنا بالنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم أسوة حسنة في كلّ شيء، فمن أراد أن يتّبع الإسلام فعليه أن ينظر إلى سنّة النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وإلى أفعاله وأقواله وهديه وسلوكه وسيرته صلَّى الله عليه وسلَّم.

فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ: الفاء للاستئناف الباء حرف جر ما زائدة رحمة اسم مجرور والجار والمجرور متعلقان بالفعل لنت، لهم متعلقان بالفعل لنت من الله لفظ الجلالة في محل جر ومتعلقان برحمة والجملة مستأنفة

وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ: الواو عاطفة لو شرطية غير جازمة وكان واسمها وخبراها القلب مضاف إليه

لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ: اللام واقعة في جواب الشرط، وفعل ماض متعلق به الجار والمجرور بعده والواو فاعله والجملة جواب شرط غير جازم.

فَاعْفُ عَنْهُمْ: الفاء هي الفصيحة، اعف فعل أمر مبني على حذف حرف العلة والفاعل أنت عنهم متعلقان بالفعل قبلهما

وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ: الجملتان معطوفتان

جملة «اعف» جواب شرط غير جازم

فَإِذا: الفاء للاستئناف إذا ظرف لما يستقبل من الزمن متعلق بتوكل

عَزَمْتَ: فعل ماض وفاعل والجملة في محل جر بالإضافة

جملة «فَتَوَكَّلْ» لا محل لها جواب شرط غير جازم.

إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ: إن ولفظ الجلالة اسمها وجملة يحب المتوكلين خبرها وجملة «إِنَّ اللَّهَ» تعليلية.

لِنْتَ: لَهُمْ اللين: الرفق والتساهل في المعاملة، أي سهلت أخلاقك إذ خالفوك.

فَظًّا: سيء الخلق، شرس الطباع

غَلِيظَ الْقَلْبِ: قاسياً جافيًا لا يتأثر قلبه بشيء

لَانْفَضُّوا: تفرقوا من حولك

فَاعْفُ: تجاوز عما أتوه

وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ: ذنبهم لأغفر لهم

وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ: تعرّف على آرائهم في سياسة الأمة في الحرب والسلم وشؤون الحياة الدنيوية تطييبا لقلوبهم، وليستن بك

وكان صلّى الله عليه وسلّم كثير المشاورة لهم

فَإِذا عَزَمْتَ: على إمضاء ما تريد بعد المشاورة

فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ: ثق به بعد المشاورة، والتوكل: الاعتماد على الله في كل أمر.