﴿فَانْطَلَقُوا﴾: الانطلاق فيه اندفاعٌ وتصميم وإرادة على فعل شيءٍ ما، وإرادتهم هنا متّجهة إلى منع الخير عن الفقراء والمساكين، وهذا يتوافق ومثالٌ لما ذكره الحقّ تعالى قبل آيات: ﴿مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ﴾ [القلم: من الآية 12].
﴿وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ﴾: ولأنّهم عزموا على فعل شيءٍ سيّءٍ، ولا يريدون أن يطّلع عليه أحدٌ خرجوا بعد أن تنادَوا وهم يتخافتون، وهذه جملة حاليّة تصف حالهم حين الانطلاق، فهم يتحرّكون في الظّلام كالأشباح يُحدِّثون بعضهم بأصوات خفيضة حتّى لا يسمعهم أحد ولا ينتبه إليهم أحد، والله تعالى يستخدم واو الجماعة هنا دليلاً على اجتماع رأيهم على هذا الفعل، فليس فيهم أحدٌ به نزعة خيرٍ أو دليل تراجعٍ، فنجد: ﴿أَقْسَمُوا﴾، ﴿وَلَا يَسْتَثْنُونَ﴾، ﴿فَتَنَادَوْا﴾، ﴿ أَنِ اغْدُوا﴾، ﴿فَانْطَلَقُوا﴾، ﴿وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ﴾ ، ﴿وَغَدَوْا﴾، فهناك اجتماعٌ على نيّة القطع، واجتماع على المسارعة فيه، واجتماعٌ على أمرٍ خبيثٍ، فلم يعلنوه ولكنّهم تخافتوا وأسرّوا القول فيه، فتخافتوا على ألّا يعطوا المساكين شيئاً، وهم لا يمنعون المساكين حقّهم من الحصاد والثّمر، بل إنّهم سيمنعونهم حتّى من مجرّد الدّخول، فقالوا: