﴿ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ﴾: هذا الرّدّ الحكيم من الله سبحانه وتعالى بأنّهم لن يستطيعوا الإجابة.
﴿فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ﴾: الخطاب هنا موجّهٌ إلى الّذين ادّعوا أنّ رسول الله ﷺ قد افترى القرآن الكريم، أو أنّ الخطاب موجّهٌ للرّسول ﷺ؛ لأنّ الحقّ سبحانه وتعالى قال في الآية السّابقة: ﴿ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾، فإن لم يردّوا على التّحدّي فليعلموا وليتيقّنوا أنّ هذا القرآن الكريم هو من عند الله سبحانه وتعالى بشهادة الخصوم منهم، لكن لنلحظ هنا ملحظاً مهمّاً، لماذا عدّل الله سبحانه وتعالى هنا الخطاب؟ ﴿ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ﴾؛ أي من تدعونهم، ثمّ قال جلّ جلاله: ﴿ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ﴾، وقد قال الله سبحانه وتعالى ذلك؛ لأنّ الرّسول ﷺ مُطالبٌ بالبلاغ، وما بلّغه الرّسول ﷺ للمؤمنين مطلوبٌ منهم أن يبلّغوه، فإن لم يستجيبوا للرّسول ﷺ أو للمؤمنين فهذا هو الجواب، فهنا المولى سبحانه وتعالى عندما كان يُخاطب النّبيّ ﷺ انتقل في الخطاب إلى واو الجماعة؛ أي لكلّ المؤمنين، وهذا التّحدّي موجودٌ إلى أن يرث الله سبحانه وتعالى الأرض ومن عليها.
﴿ وَأَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ﴾: الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيءٌ، ولا يستطيع أحدٌ أن يردّ أمره وقدرته، وما دام القرآن الكريم جاء بعلمه جلّ جلاله فلا علم لبشرٍ يمكن أن يأتي بمثل هذا القرآن الكريم أبداً، وجاء الحقّ سبحانه وتعالى هنا بأنّه لا إله إلّا هو حتّى لا يدّعي أحدٌ أنّ هناك إلهاً آخر غير الله سبحانه وتعالى.
﴿ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾: هذا استفهامٌ صادرٌ عن إرادةٍ حقيقيّةٍ قادرةٍ على هذا الأمر، ﴿ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾؟ أي أسلموا واتركوا اللّجاج بأنّ القرآن الكريم افتراءٌ، بل هو من عند الله سبحانه وتعالى الّذي لا إله إلّا هو.