الآية رقم (5) - فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

يأخذ الإرهابيّون والتّكفيريّون والمتطرّفون والّذين يريدون أن يهاجموا القرآن الكريم على غير علمٍ ودرايةٍ وعلى غير معرفةٍ المعنى الّذي يريدون عكس ما جاءت به الآية تماماً.

(انسَلَخَ): الانسلاخ: ما يتمّ ببطء.

(الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ): الأشهر الحُرُم هي أربعةٌ: واحدٌ فردٌ وهو رجب، وثلاثةٌ سردٌ: ذو القعدة وذو الحجّة ومحرّم.

(فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ): قد يعتقد بعض من يقرأ هذه الآية بغير فهمٍ أنّ علّة القتل هنا الإشراك، وهذا غير صحيحٍ على الإطلاق، فعلّة القتال هي للاعتداء والعدوان وليس للإشراك، فعلينا أن نفهم المراد من خلال جوّ السّورة، فقد بيّن المولى سبحانه وتعالى بأنّه يجب الالتزام بالمواثيق والعقود والعهود، ولكنّ المشركين نقضوا العقود والعهود، فأعطاهم فترة أربعة أشهر وبعد أن ترك لهم هذه المدّة أعلمهم بأن يسيحوا في الأرض أربعة أشهر، وبعد ذلك يكون القتال؛ لأنّهم نقضوا العقود والعهود وخانوا وغدروا، ففي هذا الجوّ واجه الإسلام جبروت سادة العرب في أربع مراحل: المرحلة الأولى: كانت اضطهاد من قِبل سادة العرب وقريش للمؤمنين، المرحلة الثّانية: خداعٌ ومكرٌ، المرحلة الثّالثة: هي القتل من قِبلهم، والمرحلة الرّابعة: هي مرحلة نقض العهود، فالأمر بالقتال هنا للدّفاع؛ لأنّهم نقضوا العهود والمواثيق وقتلوا بني خزاعة غدراً، فلا بدّ من ردّ العدوان، فلا يحقّ لأحدٍ أن يبتر الآية من سياقها ومن أسباب نزولها ومن معانيها ومن جوّها.

(وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ): أي تقيّدون حركتهم.

(وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ): أي ارصدوا كلّ حركةٍ وكلّ سكنةٍ وكلّ أمرٍ يتعلّق بهم؛ لأنّهم أعداء، وهم الّذين اعتدوا على المسلمين.

(فَإِن تَابُوا): فتح لهم باب التّوبة.

(فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ): فإن تاب هؤلاء الّذين أخذتموهم والّذين حصرتموهم وعادوا إلى رشدهم -وعلامة التّوبة إقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة- فخلّوا سبيلهم، فلا أحقاد في الدّين.

فَإِذَا: ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه منصوب بجوابه والفاء استئنافية.

انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ: فعل ماض وفاعل.

الْحُرُمُ: صفة.

فَاقْتُلُوا: فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعل والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم.

الْمُشْرِكِينَ: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم.

حَيْثُ: ظرف مكان مبني على الضم في محل نصب متعلق باقتلوا.

وَجَدْتُمُوهُمْ: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل والتاء ضمير في محل رفع فاعل. وقد أشبعت ضمة الميم.

وَخُذُوهُمْ: أمر وفاعله ومفعوله والجملة معطوفة.

وَاحْصُرُوهُمْ: الجملة معطوفة.

وَاقْعُدُوا: الجملة معطوفة

لَهُمْ: متعلقان بالفعل.

كُلَّ: مفعول مطلق

مَرْصَدٍ: مضاف إليه

فَإِنْ: إن شرطية

تابُوا: ماض وفاعله «وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ» الجملة معطوفة.

فَخَلُّوا: الفاء رابطة والجملة في محل جزم جواب الشرط

سَبِيلَهُمْ: مفعول به

إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ: إنَّ ولفظ الجلالة اسمها وغفور رحيم خبراها.

فَإِذَا انْسَلَخَ: خرج وانقضى، شبّه مضي الزّمان بانسلاخ الجلد المحيط بالشّاة، لانتهاء تعلقه به.

الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ: جمع حرام، وهي آخر مدّة التّأجيل، وهي الأشهر التي أبيح للناكثين أن يسيحوا في الأرض، ويحرّم فيها قتالهم، وهي يوم النّحر إلى العاشر من ربيع الآخر، كما تقدّم.

حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ: في حلّ أو حرم.

وَخُذُوهُمْ: أي أسروهم، والأخيذ: الأسير.

وَاحْصُرُوهُمْ: امنعوهم من الخروج والتّنقل في البلاد، واحبسوهم وحاصروهم في القلاع والحصون حتى يضطروا إلى القتل أو الإسلام.

وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ: أي اقعدوا لهم على كل مرصد، أي ممرّ وطريق يجتازونه في أسفارهم.

فَإِنْ تابُوا: من الكفر.

فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ: اتركوهم ولا تتعرّضوا لهم.

إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ: لمن استغفره وتاب، يستر ذنوبه، ويرحم شأنه