﴿فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا﴾: فكان الثّواب على ما قالوا، ولكن هل يُثاب الإنسان ويدخل الجنّة بالقول أو بالعمل؟ هنا القول كلمةٌ لها وزنٌ، كلمة الإيمان، أي أنّهم آمنوا إيماناً حقيقيّاً بموجبات الإيمان، فالله سبحانه وتعالى أثابهم بما قالوا؛ لأنّهم عملوا بما قالوا، فهذه الكلمة لها وزنٌ؛ أي أنّها مشبعةٌ بالعمل الّذي يؤيّد هذا القول.
والثّواب هو: ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ الجنّة من جَنّ: أي استتر، والجنّات هي مثل الحدائق كثيفة الأشجار.
وعندما يتحدّث الله سبحانه وتعالى عن الجنّة يقول: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ [الرّعد: من الآية 35]، أي أنّ هذه الصّفات الّتي يعطيها المولى سبحانه وتعالى للجنّة ونقرؤها في القرآن الكريم دقيقةٌ بالنّسبة لنا، ولكنّها ليست كما نعتقد في الدّنيا؛ لأنّ النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «قال الله تعالى: أعددتُ لعبادي الصّالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ»([1])، فلا تستطيع أن تتصوّر شيئاً لم تكن تراه ولا تعرفه، لذلك يقول الله تبارك وتعالى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ﴾، فعندما يقول: ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ فهل الجنّات كجنّات الدّنيا؟ وهل الأنهار كأنهار الدّنيا؟ الجواب: بالتّأكيد لا.
﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾: هناك خلود فلا موت بعد ذلك.
﴿وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ﴾: لأنّ الإحسان كما عرّفه النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «أن تعبد الله كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك»([2])؛ أي أنّ العبادة مرتبطةٌ بالرّقابة، والعبادة هي طاعةٌ عاقلةٌ؛ أي أنّ العقل يدلّ على الإيمان بالله سبحانه وتعالى وطاعته وطاعة الرّسول صلَّى الله عليه وسلَّم.