الآية رقم (112) - ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ

– الحالة الثّانية: ﴿وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِأي إنّه لن تقوم قائمة لشعب بني إسرائيل إلّا إذا كان هناك مَن يدعمهم، كما نرى الولايات المتّحدة الأمريكية والغرب كيف يدعمونهم، إذاً هم أذلّاء باستثناء أن يكون هناك ميثاق بينهم وبين المسلمين كما فعل الرّسول صلَّى الله عليه وسلَّم وهم نقضوا المواثيق والعهود وجرى بعد ذلك ما جرى من إخراجهم من أرض العرب ومن المدينة المنوّرة، إذاً فهذه الآية تبيّن لنا أنّهم أذلّاء إلّا إن كان معهم ميثاق وصدقوا بميثاقهم أو أنّ هناك من يقوم بحمايتهم ودعمهم من النّاس كما نجد في هذه الأيّام مع الولايات المتّحدة الأمريكيّة والغرب.

﴿وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ: رَجَعوا به مُستحقِّين له.

﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ: المسكنة الّتي ضُربت عليهم بأصولهم وأجدادهم نتيجة لما فعلوه، إذاً هناك ذلّة وهناك مسكنة، أمّا الذّلّة فقد يكون فيها استثناء وهو حبل من الله وحبل من النّاس، أمّا المسكنة فهي جزء من الجينة الّتي يتوارثونها، ولكن نتيجة ماذا؟

﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ: ذلك لأنّهم يكفرون ويجحدون بآيات الله، وآيات الله أي المعجزات الّتي نزلت على شعب بني إسرائيل كثيرة، ولكنّهم كانوا يُقابلونها بالجحود كما أخبر سبحانه وتعالى: ﴿فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ [النّساء: من الآية 153]،  ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَآئِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ[الأعراف]،  وكلّما جاءهم موسى عليه السلام بآية من الآيات جحدوا بعدها، رغم أنّهم رأوا بأعينهم هذه الآيات، عندما ضرب موسى عليه السلام بعصاه البحر فانفلق، وعندما ضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، وعندما أنجاهم الله سبحانه وتعالى من فرعون وقومه.. فكفرهم بما جاءهم من الآيات كان سبباً لما أصابهم من ذلٍّ ومسكنة، وما حلّ بهم من غضب الله، فالله تبارك وتعالى لا يظلم النّاس شيئاً.

﴿وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ: فقد قتلوا الكثير من الأنبياء الّذين أرسلهم الله لشعب بني إسرائيل، كسيّدنا زكريّا وسيّدنا يحيى وغيرهم من الأنبياء الّذين تعرّض لهم اليهود.

﴿ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ: هناك معصية وهناك اعتداء.

ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ: فعل ماض مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور الذلة نائب فاعل

أَيْنَ ما: اسم شرط جازم مبني على السكون في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بالفعل قبله

ثُقِفُوا: فعل ماض مبني للمجهول والواو نائب فاعل

إِلَّا: أداة حصر

بِحَبْلٍ: متعلقان بمحذوف حال والتقدير: ضربت عليهم الذلة في أغلب أحوالهم إلا في حال اعتصامهم بحبل الله

مِنَ اللَّهِ: لفظ الجلالة مجرور بمن ومتعلقان بمحذوف صفة حبل.

وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ: عطف على ما قبلها

وَباؤُ: فعل ماض وفاعله والجملة معطوفة على ضربت

بِغَضَبٍ: متعلقان بباءوا

مِنَ اللَّهِ: لفظ الجلالة مجرور بمن ومتعلقان بصفة غضب

وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ: الجملة المكررة معطوفة

ذلِكَ: اسم إشارة مبتدأ

بِأَنَّهُمْ: الباء حرف جر وأن واسمها

كانُوا: كان واسمها والمصدر المؤول من أن واسمها وخبرها في محل جر بالباء متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ

يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ: فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور والواو فاعله الله لفظ الجلالة مضاف إليه والجملة خبر كانوا

وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ: فعل مضارع وفاعل ومفعول به

بِغَيْرِ: متعلقان بالفعل أو بمحذوف حال

حَقٍّ: مضاف إليه.

ذلِكَ: مبتدأ

بِما عَصَوْا: الباء حرف جر ما مصدرية والمصدر المؤول في محل جر بحرف الجر وهما متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ

وَكانُوا يَعْتَدُونَ: مثل كانوا يكفرون قبلها وجملة ذلك بأنهم مستأنفة وجواب الشرط أينما محذوف والتقدير: أينما ثقفوا فقد ضربت عليهم الذلة.

الذِّلَّةُ: الذل الذي يحدث في النفوس من فقد السلطة، وضربها عليهم: إلصاقها بهم وظهور أثرها فيهم، كضرب السكة

بما ينقض فيها.

ثُقِفُوا: حيثما وجدوا.

بِحَبْلِ: أي عهد، وهو تأمينهم وعهد المؤمنين إليهم بالأمان على أداء الجزية، أي لا عصمة لهم غير ذلك، وتظل صفة الذل بهم

سواء كانوا حرباً أو أهل ذمة.

وَباؤُ: رجعوا، من البوء وهو المكان أي حلوا فيه

يَعْتَدُونَ: يتجاوزون الحد