الآية رقم (148) - سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ

هذه نسمّيها مشيئةً كونيّةً، هم لم يخرجوا عن مشيئته الكونيّة جلَّ جلاله، لكنّهم خرجوا عن مراده الشّرعيّ، أي بالتّكليف، فعندما يقول المولى سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة]، يمكنك القول: لا أريد الصّيام، فهل المولى جلَّ جلاله هو الّذي قال لك: لا تصم؟ هناك مرادٌ شرعيٌّ لله عزَّ وجلّ، هذا المراد الشّرعيّ ترك الله سبحانه وتعالى لك فيه الخيار، بأن توجّه ما أعطاك إيّاه إمّا باتّجاه الخير وإمّا باتّجاه الشّرّ، فإذا وجّهتهُ باتّجاه الشّرّ عُوقبتَ وحوسبت يوم القيامة، وإذا وجّهتهُ باتّجاه الخير فيكون لك الثّواب، لذلك هم يحاولون أن يلتفّوا على قضيّةٍ في العقيدة وقضيّةٍ في التّكاليف، فقالوا: ﴿وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ﴾ ، فهذا الكلام مردودٌ عليهم.

﴿كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ﴾: أي بهذه الشّبهة ضلّ مَن ضلّ قبل هؤلاء، وهي حجّةٌ داحضةٌ باطلةٌ; لأنّها لو كانت صحيحةً لما أذاقهم الله عزَّ وجلّ بأسه وأليم عذابه جلَّ جلاله.

﴿قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا﴾: هل عندكم علمٌ بأنّ الله تبارك وتعالى راضٍ عنكم فيما أنتم فيه، فتظهروه لنا وتبيّنوه؟.

﴿إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ﴾: الوهم والخيال، والمراد بالظّنّ هنا: الاعتقاد الفاسد.

﴿وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾: تكذبون على الله سبحانه وتعالى فيما ادّعيتموه.

سَيَقُولُ: فعل مضارع والسين للاستقبال، واسم الموصول «الَّذِينَ» فاعله وجملة «أَشْرَكُوا» صلة الموصول لا محل لها

لَوْ شاءَ اللَّهُ: فعل ماض وفاعله و «لَوْ» حرف شرط غير جازم والجملة مقول القول.

جملة «ما أَشْرَكْنا» لا محل لها جواب شرط غير جازم.

وَلا: الواو عاطفة ولا نافية

آباؤُنا: معطوفة على الضمير نا في الفعل أشركنا

وَلا حَرَّمْنا: عطف

مِنْ شَيْءٍ: من حرف جر زائد. شيء اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه مفعول به. والجملة معطوفة على ما أشركنا.

كَذلِكَ: الكاف حرف جر واسم الإشارة في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف

كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ: تكذيبا كائنا. والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها.

حَتَّى: حرف غاية وجر والمصدر المؤول من الفعل

ذاقُوا: وأن المقدرة بعد حتى في محل جر بحرف الجر حتى ذوقهم «بَأْسَنا»

قُلْ: فعل أمر فاعله مستتر.

هَلْ: حرف استفهام.

عِنْدَكُمْ: ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر.

مِنْ عِلْمٍ: من حرف جر زائد وعلم اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ مؤخر والجملة مقول القول.

فَتُخْرِجُوهُ: الفاء فاء السببية وتخرجوه مضارع منصوب بأن المضمرة بعد فاء السببية وعلامة نصبه حذف النون والواو فاعله والهاء مفعوله والمصدر المؤول معطوف على ما قبله أعندكم علم فإخراج.؟

لَنا: متعلقان بالفعل قبلهما.

إِنْ تَتَّبِعُونَ: مضارع مرفوع والواو فاعله

إِلَّا: أداة حصر

الظَّنَّ: مفعوله

إِنْ: نافية لا عمل لها والجملة استئنافية

أَنْتُمْ: مبتدأ

جملة «تَخْرُصُونَ» خبره وجملة وإن أنتم إلا تخرصون معطوفة.

ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ: أي أن إشراكنا وتحريمنا بمشيئة الله، فهو راض به.

كَذلِكَ: كما كذب هؤلاء

كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ: رسلهم.

بَأْسَنا: عذابنا.

هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ: بأن الله راض بذلك.

فَتُخْرِجُوهُ لَنا: أي لا علم عندكم.

إِنْ: ما.

تَتَّبِعُونَ: في ذلك.

تَخْرُصُونَ: تكذبون، وأصل معنى الخرص: الحزر والتخمين.