الآية رقم (9) - رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا

﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾: الحقّ تعالى ربّ المشرق والمغرب، وقد جعلنا التّقدّم العلميّ نفهم بعمق معنى هذه الآية، فكلّ مكان على الأرض له مشرق وله مغرب، ثمّ عرفنا أنّ الشّمس حين تُشرق عندنا تغرب عند قومٍ آخرين، وحين تغرب عندنا تُشرِق عند قومٍ آخرين، فمع كلّ مشرقٍ مغرب، ومع كلّ مغرب مشرق، فيكون هناك مشرقان ومغربان، ثمّ عرفنا أنّ الشّمس لها مشرق كلّ يوم ومغرب كلّ يوم يختلف عن الآخر، وفي كلّ ثانية هناك شروق وغروب، فالحقّ تعالى ربّ المشرق والمغرب، ربّ اللّيل والنّهار، وهذا يُناسب قوله تعالى قبلها: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا﴾، وكلٌّ من المشرق والمغرب له مهمّته الّتي يقوم بها في الكون، فاللّيل والنّهار إنّما ينتج عنهما، وأنت لك مهمّة في ليلك تختلف عن مهمّتك في نهارك، فكن حيث يريدك الله تبارك وتعالى.

﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾: هذا تعبير عن وحدانيّة الله عز وجل، فلا ربّ ولا معبود بحقٍّ إلّا الله تعالى، هو وحده المستحقّ للرّبوبيّة والعبوديّة والألوهيّة، فتبتّل إليه تبتيلاً، وأخلِص له وحده التّوجّه.

﴿فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا﴾: إذا كان الحقّ تعالى ربّ المشرق والمغرب الّذي بهما معاش النّاس، وإذا كان هو وحده المستحقّ للعبادة فلا يسعك إلّا أن تتّخذه وكيلاً، ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ [النّساء: من الآية 81]، فأنت محدود القدرة، محدود الحيلة، محدود العدّة، فتوكّل عليه وحده، واتّخذه وكيلاً عنك؛ أي: أنّه تعالى يكون وكيلاً عنك، فلماذا تقلق؟ أنت وكّلت ربّ العالمين عنك فدَعْكَ من الدّنيا وما فيها: ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾.