﴿ذَلِكَ هُدَى اللّهِ﴾: أي ما مرّ هو هدى الله سبحانه وتعالى، وقلنا: بأنّ الهداية لها نوعان: إمّا هداية دلالةٍ، أو هداية معونةٍ، هداية الدّلالة كُلّف بها الأنبياء عليهم السَّلام، فهُدى الله سبحانه وتعالى هو الرّسالات السّماويّة، والبلاغ عن الله سبحانه وتعالى الّذي كُلّف به الأنبياء عليهم السَّلام.
﴿يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ﴾: قد تقول: لم يشأ الله سبحانه وتعالى أن يهديني، الله سبحانه وتعالى لم يشأ عندما لم تختر، وهو ترك لك الخيار ووضع لك مشيئةً، لو لم يشأ لم تكن لك مشيئةٌ، ولأجبرك على الاختيار، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس]، والإنسان يُحاسَب على اختياره، ولا يُحاسَب على علم الله سبحانه وتعالى باختياره، وهذا هو مناط التّكليف، ومناط الثّواب والعقاب، وهو واضحٌ للنّاس جميعاً، وأمرنا الله سبحانه وتعالى أن نأخذ بهذا الطّريق ولكنّنا نحن اخترنا الطّريق الآخر، لذلك: ﴿يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ﴾، فمشيئة الله سبحانه وتعالى بأن جعل لك مشيئةً، ولو أراد سبحانه وتعالى لما جعل لك مشيئةً.
﴿وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾: فكلّ عملٍ مع الإشراك لا يغني.