﴿ذَرْهُمْ﴾: أمْرٌ بأن يدعَهم ويتركهم، وسبحانه قال مرّةً: ﴿ذَرْهُمْ﴾، وقال مرّةً: ﴿وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ﴾ [المزّمّل: من الآية 11]؛ أي: اتركهم لي، فأنا الّذي أعاقبهم، وأنا الّذي أعلم أجلَ الإمهال، وأجل العقوبة.
ويستعمل مِن ﴿ذَرْهُمْ﴾ فعلٌ مضارع هو: (يَذَر)، وقد قال الحقّ سبحانه وتعالى: ﴿وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ﴾ [الأعراف: من الآية 127]، وهنا يقول الحقّ سبحانه وتعالى: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا﴾، ونحن أيضاً نأكل، وهناك فرْقٌ بين الأكل كوقود للحركة وبين الأكل كلذّة وتمتُّع، والحيوانات تأكل لتأخذ الطّاقة بدليل أنّها حين تشبع لا يستطيع أحد أنْ يُجبرها على أكل أيّ شيءٍ زائد، لذلك نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «حَسْبُ الآدَمِيِّ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ»([1])؛ أي: أنّه صلى الله عليه وسلم ينهانا عن أن نأكل بالشّهوة واللّذّة فقط.
﴿وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ﴾: أي: أن يَنصبوا لأنفسهم غايات سعيدة تُلهِيهم عن وسيلة ينتفعون بها، فما دُمْت تأمل أملاً، فلا بُدَّ أن تخدمه بالعمل ليتحقّق، أمّا هم فأملهم سراب.
﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾: وكلمة (سوف) تدلّ على المسافة الزّمنيّة.
(([1] سنن ابن ماجه: كتاب الأطعمة، باب الاقتصاد في الأكل وكراهة الشّبع، الحديث رقم (3349).