الآية رقم (6) - خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ

خلق الإنسان أمرٌ واقعٌ لا شكّ فيه، وهو سيّد الكون المتميّز على أجناس الوجود كلّها، لذلك دعاه الله سبحانه وتعالى إلى النّظر والتّأمّل والتّفكّر في مسألة الخلق بما أعطاه من العقل وبما وهبه من الفكر، ليصل إلى الحقيقة.

لم يقل سبحانه وتعالى: (ماءٌ مدفوقٌ)، وإنّما وصفه بأنّه دافقٌ؛ أي بطبيعته له هذه الخاصّيّة، فهو ينزل من غير إرادةٍ ولا خيارٍ، ولا يمكن منعه، وبعد ذلك يتّصل ماء الرّجل ببويضة المرأة لتنشأ الخليّة -كما يقولون في علم الأجنّة- هذه الخليّة تنقسم بصورةٍ عجيبةٍ وليس لها عقلٌ ولا إرادةٌ ولا إدراكٌ، ولكنّ الله سبحانه وتعالى هداها إلى المسار الّذي تسير إليه بدقّةٍ متناهيةٍ، ثمّ تتجمّع بعض هذه الخلايا لتكوّن العظام، وبعضها الآخر يكوّن العضلات، وبعضها الآخر يكوّن الأعضاء والجوارح.. وهكذا، ولا يمكن لهذه الخلايا أن تفعل ذلك إلّا بوجود خالقٍ قادرٍ مدبّرٍ حكيمٍ، (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ) [طه]، هدى كلّ خليةٍ إلى مهمّتها في التّكوين البديع.

خُلِقَ: ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر

مِنْ ماءٍ: متعلقان بالفعل

دافِقٍ: صفة ماء والجملة مستأنفة.

خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ: أي ماء مدفوق منصب بدفع وسرعة سواء من الرجل والمرأة في رحمها

والمراد: الممتزج من الماءيين في الرحم