الآية رقم (2) - حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ

لها سبب نزولٍ، ولكنّنا نقول دائماً: نأخذ عموم اللّفظ لا خصوص السّبب، عن ابن بريدة قال: نزلت في قبيلتين من الأنصار في بني حارثة وبني الحرث، تفاخروا وتكاثروا فقالت إحداهما: فيكم مثل فلان وفلان، وقال الآخرون مثل ذلك، تفاخروا بالأحياء، ثمّ قالوا: انطلقوا بنا إلى القبور، فجعلت إحدى الطّائفتين تقول: فيكم مثل فلان ومثل فلان، يشيرون إلى القبر، وتقول الأخرى مثل ذلك، فأنزل الله: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ

﴿حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾: أي ظللتم في هذه الغفلة واللّهو، حتّى وصلتم إلى المفاخرة بمن في القبور، لكنّ المعنى العامّ لها: شغلكم التّفاخر والـمُكاثرة بالمال والأولاد حتّى جاء الأجل، وليس بعد الموت من مستعتبٍ، والمعنيان كلاهما صحيحٌ، فالغيب هنا أصبح يقيناً؛ لأنّ الإنسان أصبح في القبر، ولا يمكنه العودة إلى الدّنيا، لذلك قيل: “لا أرى يقيناً أشبه بالشّكّ من يقين النّاس بالموت”، النّاس جميعاً موقنون أنّهم سيموتون، واستقراء الحياة أمامهم بالتّجربة يؤكّد ذلك، لكنّنا نرى أنّ النّاس يبقون في شكٍّ، متعلّقين بالحياة، لاهين عن الموت، لذلك يُعالج القرآن الكريم هذا الدّاء في الإنسان فيقول:

حَتَّى: حرف غاية وجر

زُرْتُمُ: ماض وفاعله

الْمَقابِرَ: مفعول به والمصدر المؤول من أن المضمرة بعد حتى وما بعدها في محل جر بحتى والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما.

حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ: أي حتى متّم ودفنتم في القبور.